محمد آل الشيخ
في مقال ثري ومؤصّل في معلوماته بلقاء ضمه مع مسؤولي سجن المباحث في القصيم، كتب الأستاذ والصديق «منصور النقيدان»، الباحث والكاتب المعروف، في (جريدة الاتحاد) الإماراتية، عن (إرهاب الأطفال الدواعش)؛ ورابط المقال على الإنترنت كالتالي:
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=85858
ولأنّ هذا المقال هام في معلوماته، فضلاً عن تحليلات الأستاذ النقيدان لما توفر له من معلومات، فقد وجدت أنّ الكتابة عنه تصب في مصلحة الوطن، ولا سيما أنّ المعلومات التي احتواها استقاها من المصادر التي تتولى كبح جماح هذا الخطر الداهم، والمختلف نوعياً عما عهدناه من قَبل من إرهابيي القاعدة.
ولعل أهم ما يميز الظاهرة الداعشية، أنها تنتقي جل كوادرها من الغلمان والأطفال، وإذا وجدوا منهم مضطربي الشخصية، وغير أسوياء نفسياً في سلوكياتهم الحياتية، كالمفحطين ومن كانوا يتعاطون المخدرات، فهذا عز الطلب؛ فقد وجدوا من تجارب تاريخ الإرهاب، وثقافته المتراكمة خلال العقود الماضية، أنّ التغرير بهذه الفئة العمرية، صغيرة السن، والمندفعة، أسهل، ويستغرق جهداً أقل، وزمناً أقصر؛ ما جعل الغلمان والمراهقين والأطفال، هم المستهدفين. بينما يقوم كبار السن بالتجنيد وكذلك التخطيط، والرصد والمراقبة، إضافة إلى المهمات اللوجستية للعمل الإرهابي؛ ومن هنا جاءت أهمية هذا المقال.
يقول منصور في مقاله نقلاً عن أحد الأمنيين: (لقد أكدت خبرتنا أنّ انتشار الفكر الغالي ضمن هذه الفئة يسري كالنار في الهشيم كلما كانوا أبعد عن رقابة الأجهزة الأمنية التي تكاد تتحمل وحدها هذا العبء الكبير، لكننا أشركنا الجهات الأخرى لتحمل نصيبها من العبء وخصوصاً الرعاية الاجتماعية لأهالي السجين وأبنائه).
وهذا ما يشير إلى أنّ الأطفال الدواعش المعتقلين، يتم التعامل معهم كأحداث من مختصين اجتماعياً، وليس من أجهزة الأمن؛ وفي تقديري أنّ هؤلاء الأطفال ليسوا مؤدلجين بالكامل، واعتقالهم مع كبار السن المؤدلجين تماماً، في المعتقل نفسه، سيجعلهم في بيئة حياتية، من شأنها تكريس الدعشنة في أعماقهم لا محاصرتها فكرياً، بغرض اجتثاثها من وعيهم ؛ ومثل هذه الغاية يتقنها الاجتماعيون المتخصصون لا رجل الأمن.
ويواصل : (وحسب ما ذكره لي مدير سجن الطرفية في منطقة القصيم، فإنّ تخصيص جناح لـ»الأطفال» - حسب وصفه - من سن 15-19 هو قرار أصبح أكثر جدوى من اختيار عينات يمكن مزجها مع بعضها بغض النظر عن التباين العمري بين السجناء. «بعد أن تعزل الكبار عن اليافعين يمكنك بعد ذلك أن تفرزهم وتكافئهم، لهذا أنشأنا الجناح الذي يمكننا أن نكافئ عبر امتيازاته أولئك الذين يبدون تحسناً مع الوقت». «لقد حرصنا أن نفجر طاقاتهم، ونشغلهم بالبرامج الترفيهية وصقل مهاراتهم في الفنون والنجارة وكل ما يمكن أن يعود عليهم بالنفع»..)
ويواصل الأستاذ النقيدان في مقالة: (وفي إشارة إلى عتب على بعض الأحكام القضائية «المجاملة»، يعلق أحدهم: «(قد كان هؤلاء الموقوفون يأتون ملطخين بتهم متنوعة من التستر إلى الإيواء إلى التأثر بفكر داعش وتكفير الدولة والمجتمع، ولكنهم يعودون - بعد توصيات من اللجان بالإفراج عنهم والاكتفاء بالمدد التي قضوها - مرة أخرى ملوثين أحياناً بالدماء»، ويشير مدير السجن: «لقد أصبحوا يعودون مجرمين! وهذا ما لن تسمح به قيادة هذا البلد) .. ويواصل (إننا سنمنحهم الفرصة ليكونوا أكثر اعتدالاً، كل وسائل الترفيه بين أيديهم، هم لا يحتاجون جرعة إيمان وتدين أكثر، هم يحتاجون أن يكونوا أكثر حباً للحياة وتشبثاً بها).
وعلى أي حال فإنّ من الواضح للعيان، أنّ الخبرة المتراكمة، خلقت مستوى من الوعي انعكس على التعامل مع هذا الفيروس الخطير بعد أن غير من طبيعته وتكتيكاته؛ وهذا ما يُطمئن القلقين أمثالي على أوضاعنا الداخلية، وأنّ هذا الوباء في طريقه للاندثار حتى وإن طالت مدة معاناتنا معه.
إلى اللقاء