من إشكالات الدعوة انصراف بعض الدعاة للمشاكل والصراعات الدولية وتدويرها على الداخل!! ">
المدينة المنورة - خاص بـ«الجزيرة»:
أوضح الدكتور عبد الرحيم بن محمد المغذّوي أستاذ الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، أنّ الفرق والجماعات المنتسبة للإسلام ما زالت تبرهن كل يوم على ترهلها وضعفها بل انكفائها على نفسها وتعدي شرورها إلى الناس، وتفريخ الانتحاريين والتكفيريين، واكتواء الناس بنارهم وشررهم وتلطيخ المساجد بالدماء الزكية وزعزعة الأمن والأمان في المجتمع. مؤكداً إلى أننا مازلنا بحاجة ماسة إلى التعامل مع الأحداث المعاصرة بأساليب متقدمة جداً وتحديث الفكر وتطوير الأداء العملي، ودعم المؤسسات الدعوية، وصناعة منتجات دعوية قوية قادرة على قهر الإرهاب والفتنة، ووأد مموليها اللوجستيين وتجفيف منابعها مع تقوية الروح المعنوية لدى أفراد المجتمع، وتقوية أواصر الأخوة الإسلامية، وتعميق الثقة بالله تعالى، وترسيخ التوحيد والعقيدة الصحيحة، والتحذير من الفرقة والخلاف، وبيان ثمرات الوحدة الوطنية.
وقال د. المغذوي إن بيع بعض أبناء مجتمعنا أنفسهم للشيطان وتنفيذ المخططات التنظيمية الإجرامية في الداخل واستهداف رموز حماة الوطن وجنوده البواسل وهم في بيت الله يؤدون صلاتهم خشعاً لله، عزلاً من حطام الدنيا، إلا من الصلة بالله العلي العظيم، لهو مؤشر خطير وخلل واضح يبيّن القدرة لتلك التنظيمات المشبوهة على اختراق حصون عقول وقلوب أبنائنا، والتأثير عليهم بقوة وعنف وبدرجة كبيرة جداً، وأن المؤسسات والإدارات الدعوية والفكرية والثقافية المتنوعة مسؤولة عن ذلك؟ وترك الفضاء مسرحاً مفتوحاً وعدم ملئه بالمفيد الصالح المشبع المقنع لأبنائنا .. مشيراً إلى أننا على أعتاب مرحلة جديدة، يجب أن نكون فيها على مستوى التحديات المعاصرة أمام التنظيمات الفكرية الخطرة، وأن التفكير التقليدي في التعاطي مع الأحداث التخريبية المؤلمة للمجتمع المحلي خاصة يجب أن يتغير ويتطور إلى تفكير عميق إيجابي إبداعي مؤثر ماتع قوي مقنع لشبابنا، وأن تكون لدينا القدرة على سحب البساط من تحت الأرجل التي تريد سحق مجتمعنا، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، وقال سبحانه: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
وأكّد د. عبد الرحيم المغذوي على أنّ المؤسسة الدعوية في المملكة العربية السعودية - حرسها الله - واجب كبير وعبء ضخم في التصدي للدعوات المضادة والجماعات الفكرية المنحرفة، وذلك بحشد قواها وتطوير قدراتها وصناعة منتجات دعوية قوية قادرة على قهر الإرهاب والفتنة ووأد ووسائلها في مهدها، وإن المحافظة على الأسس الشرعية للدعوة والانطلاق من منهج الدعوة الإسلامية القويم منهج السلف الصالح، لهو الأساس الأعظم والركيزة المهمة في حياة الدعاة، وهو أساس النجاح والفلاح - بإذن الله تعالى -، مشيراً إلى أن للعمل الدعوي ضوابط وقواعد أساسية، ولتطويره وفق أساليب علمية وعملية منضبطة بضوابط الشريعة الإسلامية.
وبيّن د. المغذوي أنّ من إشكالات الدعوة انصراف بعض الدعاة إلى الاهتمام بالمشاكل والصراعات الدولية والخارجية وتدويرها على الداخل، وعقد الولاء والبراء عليها وإيكال بعض الأنظمة أو الجماعات والتيارات الإسلامية الاهتمام البالغ وإسقاط كل جوانب الخير عليهم، وتناسي ما لديهم من أخطاء عقدية ومنهجية بل وسياسية، وهو ما نتج عنه التباعد بين الدعاة والتحارش بالألفاظ والكلمات، والواجب أن يتجنّب الدعاة مشكلات البلدان الأخرى ولا يستصحبوها في حياتهم ولا يجعلوا منها بالونات اختبار لبعضهم البعض، كما أن الجدير بالدعاة الانصراف إلى مجالات الدعوة إلى الله وما ينفع الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على البلاء في طريق الدعوة وتطوير المهارات لدى الدعاة.