تربوية وسطية
القرآن هو دستور هذه الأمة ورفعتها، وهو عمدة الدين وأساس الشريعة وينبوع الحكمة، فيه كل ما يحتاج إليه المسلمون من إصلاح وصلاح؛ وحسن معاش ومعاد، به الأخلاق تكتمل، وفي أثره السعادة تتحقق أهل القرآن (هم أهل الله وخاصته) وطلاب القرآن هم خير الأمة شرفا ورفعة، ومنزلة وقدراً (فخيركم من تعلم القرآن وعلمه) نعم إن خير ما نربي عليه أبناءنا هو عندما نربيهم على مائدة القرآن، وخير منهج نرسمه لهم هو المنهج الذي رسمه لهم القرآن؛ منهجٌ لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا غلو ولا جفاء، ولا ميل ولا انحراف؛ هذا هو كتاب الله وهذه مكانته وهذا هو شأنه، ونحن في هذه البلاد بلاد الحرمين حرسها الله قد أولت كتاب الله غاية اهتمامها، واعتنت به غاية عنايتها، وما اهتمام ولاة أمرنا بشأن هذا الكتاب طباعة ونشراً، وإهداء وتوزيعاً، وقبل كل شيء وبعده تحكيماً وتحاكماً إلا أكبر دليل على ذلك.. اهتمّت بذلك فأنشأت مجمّعاً كاملاً لطباعة المصحف الشريف الذي بلغ توزيعه مشارق الأرض ومغاربها، واهتمّت بقراءته وحفظه وتفسيره؛ بل وإقامة المسابقات المحلية والدولية وخصصت لذلك الحوافز الثمينة والجوائز القيمة.
أسّست الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن في جميع مناطق المملكة لتعليم أبنائنا وبناتنا هذا القرآن بل كانوا يشرفون عليها ويحضرون محافلها الختامية ويتشرف طلابها باستلام جوائزهم من أيديهم. أوصلوا صوت القرآن مرتلاً مجوداً إلى جميع أنحاء العالم من خلال إذاعة القرآن الكريم التي تبث على مدار اليوم والليلة أربع وعشرين ساعة، ولم يقف الأمر عند هذا الأمر، بل أنشئت من خلال تعليمها النظامي مدارس تحفيظ القرآن الكريم وخصصت له المزايا ودعمته بالمكافآت المالية؛ تلك المدارس التي تطورت كماً وكيفاً إنها جهود تذكر فتشكر، تلك المدارس التي أنشئت على منهجية تربوية وسطية؛ غايتها حفظ القرآن وتعليمه؛ ووسيلتها توظيف التقنية في مناهجها؛ أصالة وتطويراً؛ من خلال مناهج واضحة قائمة وفق كتاب الله وسنة رسوله وهدي سلف الأمة فأثمرت هذه المدارس ثمارها وآتت أكلها علماً وتعليماً، وتربية وخلقاً، فنفع الله بها البلاد والعباد، تخرج من ميادينها وعبر محاضنها أجيال تلو أجيال نبراسهم خدمة الدين ثم المليك والوطن، فخاضوا ميادين الحياة بجوانبها كافة، فمنهم العالم المربي ومنهم الطبيب العالمي، منهم الطيّار الماهر، والمهندس الفذ، والإعلامي المتميّز، والإداري الناجح أجيال تخرجت وسارت نحو هدفها بخطى ثابتة ورؤى واضحة، شهد بنبوغ طلابها وتفوقهم القاصي والداني والقريب والبعيد فهاهم مسؤولو التقويم والقياس يشهدون لطلابها بالذكاء والنبوغ والتفوق وكذلك لا ننسى ثناء وشهادة الجمعية السعودية للتربية النفسية
-جستن- لطلاب مدارس تحفيظ القرآن بذلك، ختاماً هذه هي مدارس تحفيظ القرآن وهذه مخرجاتها علماً وعملاً ونوراً وهدايةً وهذه بركة القرآن، فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، وهذه هدايته قوام للحياة كلها وهذه بشارته أجر وغنيمة {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (9) سورة الإسراء، وكلّ هذا بفضل الله ورحمته ثم بعد ذلك بالدعم غير المحدود من ولاة أمرنا -حفظهم الله- واهتمامهم بهذا الكتاب وبحملته وطلابه. فشكراً لمعالي الوزير د. عزام بن محمد الدخيل على قراره وتوجيهه بالتوسع في فتح فصول لتحفيظ القرآن الكريم في المدارس العامة ودعمها.
سعد بن محمد الفياض - الرياض