محمد المسفر ">
شيء ملفت للنظر حقاً أن يكون الفكر المتطرف ينمو والإرهاب يتطور سواء في معطياته أو أداوته ونحن نشجب ونستنكر وأخيراً نتفرج بيد أننا نعتمد وفقط على المكافحة الأمنية التي هي بلا شك حققت نتائج وضربات استباقية للإرهاب وعملياته وهي مشكورة قدمت جهداً رائعاً وأرواح رجالها لإفشال الإرهاب ورؤوسه. نحن نعرف أن نشأة الإرهاب ومثله الفكر الضال المتشدد لم يكن بين يوم وليلة بل نتاج فكر تغلغل ونمى ونشط في عقول أناس كانوا أسوياء وغير أسوياء حتى وصل هذا الفكر إلى التنفيذ الذي عصف بالناس وخرب حياتهم وأمنهم وصار يشكل تناميه مشكلة في ازدياده وصحوته بعد أن يأخذ غفوة ليعود أقوى وأنكى وأشد تدميراً على المجتمع بأسره ويعجب المتابع من أن إرهاباً جاء على مطية الفكر المتطرف والمعادي يجب محاربته وإيقافه بالعمل الأمني والفكري معاً بينما نحن بقينا متفرجين مصفقين للردع الأمني فحسب، فما أن يتوقف أو نوقف أدواته سرعان ما ينجب الفكر أدوات أخرى أقوى وبوسائل أشد وطرقاً أغرب من سابقتها فقد نسينا أو تناسينا أن مصدر هذا الفكر جاء من المدرسة ومن المعلم ومن المراكز الصيفية في وقتها ومن بعض المتطرفين من الدعاة سواء في المساجد أو الندوات أو الاجتماعات في المزارع والاستراحات لاصطياد وتنمية فكر ضحاياهم، وجاءت أيضاً من بعض التكتلات الجهادية والشبابية في الخارج وأماكن أخرى لا يمكن حصرها وهي معروفة، كما أن لبعض خطباء المساجد المتشددين دوراً في ذلك. ومما يؤكد مصداقية ما أشرت إليه من تطور أساليب هؤلاء هو ما حدث -مؤخراً- من تحول الإرهاب إلى قتل رجال الأمن وتفجير المساجد وهذا فيه إستراتيجية جديدة لهؤلاء رسمت لهم من قياداتهم وبعض عملاء الدول المعادية لهذه البلاد لأن في هذا الأسلوب زرع فتنة بين أبناء الوطن وترويع الآمنين الذين كانوا قبل ذلك ليسوا مستهدفين منهم ومحاولة زرع الشك في أداء الجهاز الأمني الذي كان حصناً ورادعاً لهؤلاء ويشعر المواطن بالاطمئنان له. لذا لا بد من معالجة أصل تكوين هذا الإنسان ليصبح إرهابياً فيما بعد وهذا التكوين هو الفكر الذي يؤسس للإرهاب ويجعله مقبلاً ومندفعاً لهذا العمل لتحقيق معتقده الذي صوره له الآخرون بأنه هو السبيل إلى الجنة والتخلص من الذنوب لا بد من وضع إستراتيجية للتربية السليمة ومكافحة الأفكار المتطرفة في مراحل التعليم كافة واختيار المسؤولين عن هذه الإستراتيجية من مديري تعليم ومدارس وموجهين تربيين وإسلاميين، وكذلك وزارة الشؤون الإسلامية لخطباء المساجد لتكون الخطبة أو الندوة نزيهة من الشوائب بعيدة عن المذهبيات والفئوية وتراقب هذه بصرامة وبمشاركة من هيئة كبار العلماء كذلك إشراك الأسر في تربية النشء ومحاربة التشدد والغلو والاستعانة بالجهات المسؤولة لأن السكوت مثل المساندة لهذا الفكر يجب تجريمه وإذا ما طبقت هذه الإستراتيجية بدقة واهتمام فسوف تكون بمثابة التحصين والسد المنيع لعبور هذه الأفكار إلى عقول أبنائنا وشبابنا ومن شذ سيكون العمل الأمني الرادع له بالمرصاد ثم يتم تنفيذ الأحكام الشرعية في كل مخالف دونما هوادة أو رحمة، لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من جاء ليشق عصاكم واجتماعكم فاقطعوا رأسه بالسيف كائناً من كان». غير ذلك لن يكون أي عمل مهما كان غير مجد لقطع دابر الإرهاب وشروره وسيظل يطل برأسه علينا بين فترة وأخرى.