عقيد «م»/ محمد بن فراج الشهري ">
أفعال إجرامية بشعة لا يقوم بها إلا سفيه باع نفسه للشيطان.. تلك هي سلسلة التفجير للمساجد وقتل المصلين.. دون أدنى شك أن من يقومون بهذه الأفعال الخسيسة والحقيرة هم أناس تجوفت أخلاقهم, وضاعت أحاسيسهم, وتبلدت وغسلت بنجاسة, فمن أين لهم استحلال قتل الناس وهم بين يدي الله وفي ضيافته.. ليست هذه الأفعال حرب موجه لدولة, بل هي حرب ضد المولى سبحانه وما أمر به وما نهى عنه, وهي ضد كل الرسالات السماوية وتوجه الأنبياء والرسل, ومخالفة صريحة وواضحة لما أتى به خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم.. وأعداء الوطن من الداخل هم شر البلية وهم سرطان المجتمع, بل هم حثالة المجتمع.. خونة, مارقين استباحوا كل محرم وحللوا لأنفسهم بغباء وحقد وكراهية للمجتمع ومحاولة تفكيك أواصره, والسعي للتدمير والخراب قاتلهم الله.. لا يعترفون بحرمة النفس المسلمة التي أوجب الإسلام احترامها, فمن أظهر لنا إسلامه فنفسه محرمه قال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} سورة النساء آية (93). وقال تعالى: { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} سورة الفرقان آية 68-69. فكيف بهؤلاء المجرمين الذين قتلوا المسلمين في العراق وسوريا مسلمين وغير مسلمين وأباحوا دم الذميين والمستأمنين والمعاهدين واعملوا فيهم القتل والتعذيب والتهجير واستحلال ماحرم الله من سبي وأسر وقهر وفتك وتدمير واختراع وسائل تعذيب لم يعرفها البشر من قبل.. هؤلاء هم كلاب هذا العصر المسعورة.. فتكوا بشبابنا, وجعلوهم خرفان لهم, يسوقونهم للموت وكأنهم أغنام بل الأغنام أفضل وأطهر منهم, وما قاموا به من قتل لكل ذمي أو مستأمن أو معاهد دون الرجوع لشريعة أو قانون أو قرآن أو حديث وتركوا نصوص القرآن والسنة والأحاديث في وادي آخر, وقد ورد في تحريم قتل الذمي والمعاهد ماثبت عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال: «من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة, وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عام» وقال: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دمًا حرامًا» وأما المستأمن, فقد قاالله في كتابه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ} سورة التوبة آية (6), أي اجعله في حماية منك حتى يبلغ المكان الآمن من بلده. وفي الصحيحين عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم, فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, لا يقبل منه صرف ولا عدل» هذا فيما يخص الذمي والمستأمن والمعاهد فما بالك بمن يقتل المسلمين في بيوت الله وهم ركع سجود بين يديه, وهم المعصومين في دمائهم وأموالهم, جرى إزهاق أرواحهم وسفكت الدماء المعصومة, فقتل من قتل وأصيب من أصيب في بيوت الله, وهذه التفجيرات ملعونة وفاعلها ملعون وخارج عن كل الأعراف.. ولا يقر ما قام به بعض السفهاء البلهاء عقل ولا دين لأن العاقل لا يأتي أمرًا محرمًا لأنه يعلم سواء عاقبته في الدنيا والآخرة, ولا شك أن هذه الأفعال لا خير فيها, بل يترتب عليها مفاسد علمها عند الله, وهي مخالفة للفطرة, ومعصية لله ورسوله, وتشويه لسمعة الإسلام, وموجبة للفوضى وإتلاف للنفوس والأموال, وتخريب لكل ماهو عامر.. وقد تواترت آراء وفتاوى العلماء على تحريم هذه الأفعال وإنكارها, وقد حذر العلماء السابقون واللاحقون من هذه الأفعال الخبيثة التي صوروها السفهاء بأنها استشهاد ظلمًا وزورًا وبهتان.. فقد سئل العلامة ابن باز رحمه الله: عن حكم من يلغم نفسه ليقتل بذلك مجموعة من اليهود؟ فأجاب بقوله: نهينا غير مرة أن هذا لا يصح لأنه قتل للنفس, والله يقول: «ولا تقتلوا أنفسكم» ويقول النبي صل الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة» فما بالك بمن يقتلون المسلمين في المساجد.. هؤلاء هم الذين باعوا أنفسهم لشيطان داعش القذر, وخانوا أوطانهم وتنكروا لأهلهم فهم كالأنعام بل هم أظل.. عليهم ما يستحقون من غضب الله فهم صورة مشوهة لكل قبيح ولا تزيدنا هذه الأفعال الشاذة إلا قوة وتلاحم, وسيدحرون, ويقتلون, وينتهون بأمر الله سبحانه, وهو لن يفرط أبدا في القصاص ممن ارتكبوا ما حرم الله من إجرام في بيت من بيوته ودنسوا المساجد بأفعالهم القبيحة, والتي لا يقرها عقل ولا شريعة ولا دين ولا مذهب.. نسأل الله أن ينتقم منهم وأن يرينا فيهم عجائب قدرته, وأن يحمي هذه البلاد من كل عابث, ويديم الأمن والأمان والاطمئنان علينا وسئر بلاد المسلمين.