ليس الخبر كالعيان.. الاتفاقيات من أجل المتقاعدين حبر على ورق ">
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعقيباً على مقال الدكتور محمد بن عبدالعزيز الصالح في زاويته الاسبوعية «رؤية اقتصادية» بعنوان: «جمعية المتقاعدين, بيت الخبراء الموحش» المنشور في صبيحة يوم الاثنين الموافق 11 - 10 - 1436 في العدد رقم 15642 من السنة 55 لصحيفتنا الغالية، والذي كتبه بعد حضوره لأمسية في احد الصوالين الادبية التي كان الطرح فيه عن الجمعية ورؤيتها و رسالتها و أهدافها ووضح الرؤية التي طرحها مفنداً الواقع وكأنه يعيش تفاصيله، وقد تمنيت ان اكون احد الحضور لهذه الامسية لإيضاح الامر من وجهة نظر عضو عامل في الجمعية وعضو مجلس ادارة سابق في الدورة الثالثة التي حلت بقرار رائع وكريم من الوزارة لمصلحة المتقاعدين والجمعية، وهي الخطوة الوحيدة التي تحسب للوزارة منذ تأسيس الجمعية لأنها ادارت ظهرها عنوة عن الجمعية وتركتها تصارع الحياة والموت دون ان تتدخل الا بعد ان قام الاعضاء الجدد المنتخبون في الدورة الثالثة وبعد ان تم الوقوف على العديد من المخالفات المالية والادارية على مجلس الادارة للدورة الثانية وتصعيد الامر لسمو الرئيس الفخري حتى قامت الوزارة بتشكيل فريق لمراجعة حال الجمعية ورصدت 36 مخالفة مالية وادارية قد قال عنها اعضاء مجلس الدورة الثانية المنتخبون او المستقيلون او الذين لم يترشحوا لانتخابات الدورة الثالثة انها مخالفات كارثية لم نكن نعلم عنها ولم نوقع او نوافق عليها، وعندما حددت الوزارة وقتاً لعلاجها ولم يستطع ان يفي مجلس الادارة او الادارة التنفيذية به لاختلاف الرأي وطريقة المعالجة وتحديد المسؤولية المباشرة عن كل مخالفة وضرورة ان يقوم كل عضو بدوره الحقيقي في علاج هذا الخلل، مع الالتزام بإعادة ما صرف دون مستند نظامي لخزينة الجمعية، لأنه مال المتقاعدين الذي قد خصص لهم، قامت الوزارة مشكورة بحل المجلس وتعيين اعضاء جدد من قبلها.
وسوف نأتي بشيء من الايضاح على ذلك العقد من عمر الجمعية والذي سنجتز منه ما ذكر الكاتب الكريم وهو قرابة 60% من عمرها، لنكمل المسيرة بإذن الله الى غد يحقق التميز لها ولمنتسبيها ويضمن تنامي الانضمام لها لأنها هي سيدة مؤسسات النفع العام اذا صدقت النوايا فيها وقدمت المصلحة العامة على الخاصة، واصدق دليل على قصور الدورة الثانية هو عدد المنسبين لها حيث لم يتجاوز 1% من عدد المتقاعدين في النظامين حتى الآن.
ولقد قامت الدورة الأولى التأسيسية والتي كانت مدتها أربع سنوات بوضع الجمعية على الطريق الصحيح وحازت على قبول صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله لرئاستها الفخرية، وانطلقت مع الدورة الاولى فكرة مراكز الامير نايف الاجتماعية ومراكز سموه الثقافية، وكذلك تكوين هيئة استشارية نخبوية انضم لها أكثر من 30 رمزاً اجتماعياً وقيادياً من مديري الجامعات ورجال المال والاعمال والوجهاء، ويرأسها سمو الامير سعود بن ثنيان الذي كلفه سمو الرئيس الفخري ان يكون ضابط الاتصال بينه وبين الجمعية، كذلك أتمت دراسة عن مشاريع استثمارية سيستفيد منها المتقاعدون وأبناؤهم ولكن اجهضت في مهدها، وطرح مبادرات لإنشاء مكاتب استشارية للاستفادة من خبرات المتقاعدين اصحاب الكفاءات ومراكز تدريب لنقل الخبرة في كافة المجالات ولم يكتب لهذا المشروع التنموي ان يرى النور وغيره بعد انتهاء الفترة المقررة للدورة الاولى، لتاتي الدورة الثانية لمجلس الادارة ويرشح لقيادة الجمعية اعضاء بعضهم اصحاب فكر وخبرة ولكن ما لبثوا ان افترقوا وترك المجلس منهم اكثر من خمسة اعضاء بينهم نواب لرئيس المجلس والمشرف المالي وعضو بارز وعضوة فاعلة في المجلس لانهم ايقنوا ان العطاء سيقف في ظل احادية القرار وتغيير محاضر الاجتماع وعدم القبول بالتحفظ او الاعتراض على وجهة النظر، واصبحوا كضيوف الشرف يأتون للتوقيع على المحضر وينصرفون، وماتت في ذلك العهد اللجان المنبثقة عن المجلس ولم تفعل أي لجنة، ولم يصدر أي خدمة، وكان القيادي التنفيذي يقول امام الجميع ان كل الاتفاقيات التي وقعت حبر على ورق، وكذلك اعضاء المجلس في الدورة الثانية لانهم لا يعلمون عنها الا وقت التوقيع او من الاعلام، وذلك من اجل بروز شخص واحد للمشهد الاعلامي للجمعية.
واستمرت الدورة الثانية التي تجاوزت قرابة خمس سنوات في نزاعات داخل المجلس وصاحبها تغيير في الرؤساء التنفيذيين فور عدم موافقتهم لتوجه صاحب القرار الوحيد حتى اتت الطامة الكبرى والترشيح لانتخابات الدورة الثالثة التي صرف عليها قرابة 300 ألف ريال من خزينة الجمعية دون وجود راع لتلك المرحلة كما وعد المجلس الا بـ 40 ألف ريال، والباقي صرف من اموال المتقاعدين ودعم اصحاب السمو واشتراكات الاعضاء على السكن والتذاكر والاعاشة كي يضمن التصويت لمجموعة معينة من اعضاء المجلس، واوكل ذلك الى مديرين للحملات الانتخابية ووزع الاستقبال والترتيب والتنسيق بين الفروع على اعضاء المجلس من المصطفين الاخيار، وانكشف هذا الامر باكراً للوزارة، وتم التصويت وجمعت الاستمارات قبل ان يبدأ المرشحون في استعراض برنامجهم الانتخابي وفاز من فاز ودخل المجلس 5 اعضاء جدد كانوا هم دعاة التجديد والانطلاقة الحقيقية للجمعية، واستكمال مشوار الدورة الاولى، وقدموا اكثر من 120 مبادرة ومعهم تشكلت لجنة للنظام اتمت مسودته ولجنة لتنمية الموارد والاستثمار اقرت خطة عمله، ولجنة اعلامية اتمت خطة الجمعية الاعلامية بشكل احترافي ولجان اخرى كانت فعاليتها تواكب ذلك التوجه، الا ان هذا الامر لم يرق للأعضاء السابقين في المجلس، فعملوا على وضع تكتل ضد فريق التجديد، واعاقوا المسيرة حتى وصل الحال الى ما ذكر سابقاً ورفع الامر برمته للوزارة التي شكلت فريقها ووقف على المخالفات المالية والادارية التي يطول الحديث عنها، واستمر النزاع من اجل مصلحة المتقاعدين وتغليب المصلحة العامة على الخاصة وبناء مستقبل اكثر اشراقاً ومصداقية للأجيال القادمة من موظفي القطاعين عند تقاعدهم حتى حل المجلس وفقدت الجمعية نشاط اعضاء كانوا يحملون هم المواطن المتقاعد صاحب الحاجة، وكذلك المواطن المتقاعد صاحب الخبرة، ولكن لم يغضبهم ذلك لان الخيار الثاني لهم ان لم يستطيعوا نقل الجمعية لتكون بيت المتقاعد الثاني ان يبعدوا عنها من كان عكس هذا التوجه، وهو ما حدث بالفعل بحمد الله، وهناك العديد من الاحداث الدرامية في تلك النزاعات ليس المجال هنا لذكرها وتعلم عنها الوزارة وممثلوها تمام العلم، والامتعاض من مجلس الدورة الثانية لم يكن جديداً واحيط به سمو الرئيس الفخري قبل القرار الصائب لها في حل المجلس.
ولان العبرة بالخواتيم فإننا اليوم على باب جديد اكثر اشراقاً واصدق املاً في مستقبل رائع للمتقاعدين مع المجلس الجديد المعين الذي بدأت بواكير انتاجه وبشائر عطائه ترتسم على ارض الواقع، وبعث الكثير من الامل في اعادة سيدة مؤسسات النفع العام الى الوجود، ونلتمس التجديد لعام او عامين للمجلس المعين ليحقق النتائج المرجوة بعد ان تم الاستثمار والاستفادة من مكرمة خادم الحرمين الشريفين، وشراء وقف للجمعية وخطة لأوقاف اخرى وكذلك بعث فكرة سمو الرئيس الفخري الاسبق رحمه الله في انشاء مراكز الامير نايف الاجتماعية، واستكمال مسودة النظام التي انجزت في الدورة الثالثة وطرحها في جمعية عمومية لإقرارها والعديد من الانجازات التي تستحق افراد مقال خاص في وقت لاحق.
ختاماً, فإننا نؤكد على ما ذكره الدكتور محمد الصالح في استعراضه لواقعها الموحش وهي بيت الخبرة التي ضاع في خدمتها خبرة اعضائها، اما حديثه ان 60% من عقد الجمعية ضاع في مشاحنات وصراعات وعدم وجود توافق في تغليب المصلحة العامة فان هذا يقع في الفترة من انتهاء الدورة الاولى حتى تعيين المجلس المؤقت، والتي قاربت على ست سنوات، واقل ما يقال عنها انها سنوات عجاف خالية من الخدمات لمصلحة المتقاعد وصرف فيها ملايين الريالات على رواتب وايجارات، ولم يستفد المتقاعد حتى من الرسوم التي كان يدفعها، بل ان الكثير من الاعضاء لم يجددوا الاشتراك لأنهم لم يجدوا مصلحة مادية من العضوية، خاصة وان احد الفروع بدأ بأكثر من 5000 عضو وانتهى بـ 80 عضواً، وهو دليل على واقع الجمعية المحزن السابق بكل تأكيد، وكذلك لم يجد الاعضاء مصلحة معنوية من الانضمام اليها لأنهاء كانت تتاجر بمشاعرهم واحتياجاتهم، ولم يتحقق من تلك التصريحات الرنانة أي منفعة طيلة السنوات الست، حتى وان اعيد اثارة تلك المطالب والاحتياجات وبعثها ومقابلة معالي وزير الشؤون الاجتماعية بشأنها، وهي دعاية انتخابية واضحة ستعيد فيما لو تم ذلك الجمعية لسابق عهدها، ولكننا متفائلون مع معالي الوزير بمستقبل مشرق للمتقاعدين وجمعيتهم.
فهد بن أحمد الصالح - عضو الجمعية الوطنية للمتقاعدين