محمد أبا الخيل
مرة أخرى يضرب الإرهاب مساجد الله التي بها يعبد، ومرة أخرى تزهق أرواح وتدمى أجساد وتيتم أسر، هذه المرة كان الضحايا من رجال الأمن فكان تعدي الإرهاب مضاعفاً؛ فهو تعد على بيوت الله وهو تعد على المؤمنين في ساعة لقاء مع الله وهو تعد على الأمن وتعد على المجتمع والدولة وتعد على الإنسانية، ولا شك أن هذا الأمر هو مثير للغضب ومثير للاشمئزاز ومثير للشجب والاستنكار وباعث لوحدة شعبية في البراءة من كل نشاط مهما كان صغيراً يصب في تشجيع أو دعم أو الثناء على هذه الحركات الإرهابية أينما كانت، فكل الحركات الإرهابية تعود لنفس الجذور وهي التطرف والرعونة في فهم مقتضيات الجهاد.
في أوقات عندما كانت منظمة القاعدة تتلقى الضربات الجوية الأمريكية والتي كانت انتقاماً لتعدي تلك المنظمة في جريمة مشهودة، كانت كثير من مكبرات الصوت في المساجد عندنا تضج بدعاء القنوت وطلب النصرة لقادة القاعدة وزمرتهم، وفي كل مناسبة تتعرض تلك المنظمة الإرهابية لعقاب غربي نتيجة اعتداءاتها كما حدث في قطارات أسبانيا، يتهجد الكثير من المتعاطفين معها بالدعاء على الغرب بجميع أصناف الخراب والدمار، هذا التفاعل الذي كان يحدث من هؤلاء المتعاطفين مع القاعدة ومع داعش ومع النصرة ومع كل منظمة ترفع لواء القتال بحجة الجهاد، لا نراه يحدث عندما تضرب هذه المنظمات المجرمة مساجد الله، ولا نرى تلك الغضبة المضرية تثور لتشجب قتل المؤمنين العابدين في مساجدهم ولا قتل رجال الأمن الذين يذودون بأرواحهم لينعم المواطنون جميعاً بالأمن والسكينة، إن التفاعل الباهت الذي يتستر به دعاة الإسلام السياسي ودعاة نصرة الجهاد أصبح يكشف أكثر مما يخفي، وأصبح على المجتمع برمته إدراك أن (السيل قد بلغ الزبى) وأن داعش وأربابها ساعون بلا هوادة لإرهاب مجتمعنا وعازمون على القتل والدمار، وأن داعش وغيرها من المنظمات التي ترمي لمكاسب سياسية تعتمد في تحقيق بعض أهدافها وحركتها على أناس يتسترون بالولاء للمجتمع والنظام وهم أجنحة داعش الداعمة لها مادياً ومعنوياً، هؤلاء هم العدو الذي يجب علينا كمواطنين أن نتنبه لهم وأن نساند قوى الأمن في التبليغ عنهم وعن نشاطاتهم وأن لا يأخذنا حسن الظن بهم إلى التغاضي عمَّا يصرحون به عرضاً وقصداً من كلام أو فعل يفهم منه دعمهم للعمل الإرهابي الذي تقوم به داعش.
عندما أطلق سراح الإرهابي الذي فجَّر نفسه في مسجد قوات الطوارئ بعسير من السجن الذي كان محكوماً به، هلّل لذلك عدد ممن نظن بهم الظن الحسن، منذ اليوم لن نظن بمن يهلّل لمثل هؤلاء الظن الحسن فلن يلدغ المؤمن من الجحر مرتين، فكل من يدعم أو يساند مجرم ولو بمثقال ذرة من جهد هو شريك كامل الشراكة بالجريمة، والأمن العام هو مهمة المجتمع بالدرجة الأولى ثم يأتي دور رجال الأمن، لذا يجب أن لا يتساهل المواطن بالإبلاغ عن كل نشاط مريب لأي فرد كان ومهما بلغ حسن الظن به، فالحذر يؤتى من مأمنه. نرجو الله أن يحفظ بلادنا من كل مكروه وأن يدحر الظلم حيثما وجد.