إن وفاة رجل الأعمال الوجيه المعروف زيد بن علي أبو حيد - رحمه الله - الذي وافته المنية يوم الثلاثاء الخامس من شهر شوال لعام ألف وأربعمائة وستة وثلاثين من الهجرة النبوية, مصاب جلل وفجيعة لما يتمتع به هذا الرجل من سماتٍ فريدة قل أن توجد عند غيره من الرجال, فهو قدوة وأسوة لباذل المعروف الذي ضرب أروع الأمثلة في أمور الخير والشرف والجود والعطاء والإنفاق, عالياً في أخلاقه قد اكتسب من الأخلاق أنفسها وأحسنها فلا يذكر له أي مشروع أو عمل خيري أو محتاج إلا وبادر للبذل والعطاء, فكرمه عام لكثير من الخلق الفقير والغني على حدٍ سواء؛ كريم في البشاشة والتسامح, فالترحيب على وجهه ومحيّاه سجيّة من غير تكلّف, طلق الوجه تراه دائماً مبتسماً لا تعرف العبوسة إلى وجهه طريقاً, جمع أصل المحاسن وأسر قلوب الخلق بعطائه وسخائه وكرمه وتواضعه يأتيه الضيف من جميع الأقطار من الحاضرة والبادية والعامة وطلاّب العلم في أي وقت فيرحِّب ويمشي في استقباله ووداعه ويجزل في إكرامه, وهذه من أعزّ صفاته, قال ابن بطال رحمه الله:» وكذلك السخاء من أشرف الصفات؛ لأن الله تعالى سمى نفسه بالكريم الوهاب», حريص على تربية الناشئة والأجيال والأعمال التي تخدمهم فما تذكر له النوادي الصيفية واللجان الشبابية والاجتماعية والجمعيات حتى يبادر في دعمهم ومساندتهم ويُسَرُّ ببذله وعطائه, حريص على نفع المسلمين, فما يذكر له مسلمون في أي بقعة من الأرض حتى يبادر في دعمهم, حتى إن عمالته الوافدة يذكرون له حاجتهم لمشاريع خيرية في بلادهم فيبادر ويساهم في دعم مشاريعهم الخيرية, فقد بنى مساجد ومغاسل للموتى وجهّزها خارج المملكة في أفريقيا والهند, يأتيه المكروب والمحتاج فيذكر له حاجته فيبادر إلى مساعدته وتفريج كربته, والشفاعة له, وقد ذكر عددٌ من المكروبين بعد وفاته عدداً من الكرب التي فرَّجها عنهم من غير أن يعلم به أحد, وذكر عدد من الأشخاص أنه كفل عدد من الفقراء والمساكين عن طريقه فأخفاها, وشرط أن لا يُعلمَ به أحد, أسأل الله أن يفرّج عنه من كرب يوم القيامة, أمّا بره بوالديه وصلته لأرحامه, فقد كان اليد الطولى لوالده شفاه الله طيلة حياته, أدخل السرور والفرحة على والديه ببره وإحسانه, يصل ويُحسن إلى القريب والبعيد من قرابته وذوي أرحامه حتى في حال مرضه لا يحمل في قلبه على أحدٍ غلاً ولا حقداً ولا حسداً, لذلك منحه الله سبحانه محبة في قلوب عباده فمن سمع عنهونظر في سيرته وأفعاله أحبه ولو لم يره رحمه الله, وإن مما يخفف مصابنا ويقوي عزاءنا بوفاته رحمه الله إجماع الخلق على محبته والثناء عليه, والخلق شهود الله في أرضه, والحمد لله الخيرُ باق في إخوانه وذريته فهم خلف لخير سلف ليسيروا على ما سار عليه رحمه الله, ونحسبه والله حسيبه أن الله قد وفَّقه لعملٍ صالحٍ قبل موته, والمؤمن يستريح من نصب الدنيا وعناها, وما أعد الله له خير وأبقى, لكن القلب يحزن والعين تدمع وإنا على فراقك يا زيد لمحزونون ولانقول إلا ما يرضي ربنا, نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته, وأن يلهم أهله الصبر ويعوضهم خيراً.
د. أحمد بن عبد العزيز الشثري - جامعة الأمير سطام بن عبد العزيز