فهد بن جليد
باختصار حاول الزميل صالح الشيحي أن يقدِّم نفسه لنا (كبطل شجاع)، وأعلن عن اعتذاره عن مقال كتبه بحق الكابتن (عبد الرحمن الرومي) لأن الأخير أرسل له رساله يلتجئ فيها إلى الله، تألم منها الشيحي، وشعر بالظلم والإساءة التي ارتكبها بحق الرومي، هذا تصرف كبير وشجاع بالفعل!
الأمر لم يرق للزميل عبده خال، الذي دخل - بشجاعة أيضاً- على لحظات تجلي واستغفار الشيحي، وقال له (طالما نفسك نقية كذا، ومشاعرك رقيقة، وما بتحبش الظلم، فما بال - أهل الفندق إياه - لا يشملهم اعتذارك)؟!
هذا الموقف يذكّرك عندما يؤدي المسلم صلاة نافلة، ويطلب من الله العفو والمغفرة فيها، ويلهث بالدعاء والاستغفار عن كل ظلم يعلمه أو لا يعلمه، ثم يأتيه الشيطان ويتلبس عليه في صلاته، ليثبط من عزيمته، ويقول له لن يغفر الله لك، فقد ظلمت فلاناً، وكذبت على فلان، وتجنيت على فلان... إلخ ! طالب العفو حينها إما أن يستغفر من كل ذنوبه، وإما أن يتكبر ويتغطرس ويبدأ في تصنيف ما ارتكبه من أخطاء، ويبرر لنفسه بعضها..!
المُصيبة الكُبرى عندما يفرغ المسلم من الصلاة - وهو ما يشبه موقف الشيحي وخال - بعد أن قام ودعا واستغفر، ليجد (مسلماً آخر) ينتظره عند باب المسجد، ويقول له يا أخي طالما أنك طلبت العفو والمغفرة من الله، واعتذرت عمَّا بدر منك تجاه فلان وفلان، واعتذرت منهم بالفعل، فقد شملني أذاك وأذيتك، ولن أسامحك حتى تعتذر لي مثلهم، أو الله بيني وبينك.. حينها ماذا سيحدث، هل سيعتذر الشيحي؟ أم سيقول إن الأمر هنا مُختلف؟!
أفكر ملياً في تحديد يوم في السنة أطلق عليه (يوم الاعتذار)، سأحاول فيه غسل القلوب، وتقديم الاعتذار الأبيض لمن أخطأت بحقهم، والتسامح مع من حولي، ولو لزم الأمر سأطبق ثقافة (حب الخشوم)، لعل الناس أن يسامحوني، ولو أن (أبو الثقافة السعودية) قال في رائعته سابقاً (ما ينسينا الخطا حب الخشوم، ولا يطهرك المطر عشرين عام) ولكن يكفيني شرف المحاولة!
سامح الله الجميع، لن أخترع العجلة، فلننتظر مصير موضة (الاعتذار الجديدة) التي أطلقها كُتّابنا ومُثقفونا قبل الحج، فلربما قيل (ليتنا من اعتذارنا سالمين) بدلاً من حجنا؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.