دراسات في السيرة الذاتية ">
تأليف: الأستاذ النابه والدكتور القدير/ صالح معيض الغامدي
قراءة:
حنان بنت عبد العزيز آل سيف
- بنت الأعشى -
فن الترجمة الذاتية علم نفيس وقد برع وبرز فيه الأقدمون وثمة قلدهم المحدثون وساروا على منوالهم فحظيت المكتبة العربية بدرر نفيسة، وجواهر عديدة ما كان لها أن تكتب على صفحات التاريخ لولا فن السيرة الذاتية الشخصية، وهذا الفن فيه سحر ومتعة، وذوق وحكمة، وتفنن وحنكة، أنت لا تدع كتاباً في فن السيرة الذاتية، بل هو الذي يدعك بعد أن يروي غلتك، ويبهج عقلك بالكفاح والنجاح والصلاح فلله در من أبدعوا فيه، وحينما يتمكن كاتب السيرة الذاتية من قلمه، ينثر على صفحات الأدب قطعاً أدبية رائعة، وقطوفاً ذاتية متدلية، تخلب العقل، وتشرح النفس، وتروي الغلة، والتاريخ قديماً وحديثاً شهر لنا قصصاً ذاتية، نشجت حقلاً علمياً أدبياً كان له الذيوع والانتشار الواسع، والتقدم والتطور الذائع، من شتى النواحي كتابة وقراءة ودراسة، وصار لها وعليها الاقبال الباهر، كتب ابن الجوزي سيرته في كتبه المتناثرة كصيد الخاطر، ولفته الكبد، وتاريخ الملوك والأمم فأبدع، وجاءت ذاتيته، وأدباء زمنه، ولعل كتاب فن الترجمة الذاتية للدكتور شوفي ضيف خير مثل يضرب، وأثر يقتفى، فهو يتناول كتابة الذات من الألف إلى الياء، لا يترك شاردة ولا واردة إلا عرج عليها، ولا أخضر ولا يابس إلا نسجه بخيوط حريرية تصويرية، قربت المفاهيم، وسهلت التمعن وجذبت ترويح النفس، والاقتداء والسير على نفس الموال والمنوال وما أشبه الليلة بالبارحة فقد دفع كتاب (الترجمة الذاتية) للأستاذ الدكتور شوفي ضيف نوابغ في تاريخ الأدب السعودي المعاصر إلى اكمال المسيرة، وتكميل السيرة.
وبين ناظري كتاب أنيق في فن السيرة رقيق دقيق وعنوانه: (كتابة الذات - دراسات في السير الذاتية) ومؤلفه فحل نابغ وهو سعادة الأستاذ الدكتور صالح معيض الغامدي - زاده الله أدباً.
وقد سلف عنوانه قبل برهة من الوقت وقد صال فيه وجال، وأفاد واستفاد، وتمتع وأمتع يقول - رحمه الله تعالى - في استهلالة الكتاب ما كينونته: (يشتمل هذا الكتاب على عديد من الدراسات التي أنجزت في مجال الأدب الذاتي عموماً والسيرة الذاتية خصوصاً، خلال مدد مختلفة، بدأت منذ بدء اهتمامي بهذا الحقل الأدبي، عندما أنجزت رسالة الدكتوراة في السيرة الذاتية العربية القديمة في عام 1989م واستمرت إلى الوقت الراهن، وقد كان لرغبة بعض زملائي وطلابي في أن يروا هذه البحوث منشورة مجتمعة في كتاب أثر كبير في إقدامي على نشرها الآن، آملاً أن يكون في ذلك بعض الفائدة للمهتمين بدراسات الأدب الذاتي والسيرة الذاتية التي شهدت مؤخراً انتشاراً واسعاً) والسؤال الطارح نفسه كيف صنفت الدراسات في هذا الكتاب وفق موضوعاتها؟
وجوابه أن هذه الدراسات سيقت في أربعة أبواب:
أما الباب الأول فيهتم بالسيرة الذاتية من عدة أمور من حيث المفهوم والتاريخ والمصادر والتطور وهو يتخذ السيرة الذاتية العربية القديمة كمركز للتطبيق.
والباب الثاني فتتناول فصوله إشكالية التداخل أو التعالق بين الرواية والسيرة الذاتية وما يرتبط بها من قضايا فنية ومضمونية مهمة.
والباب الثالث فقد خصص واقتصر على دراسة فن الرسائل بصفتها جنساً أدبياً ذاتياً له أهمية سير ذاتية واضحة عند مجموعة من الأدباء السعوديين.
وأخيراً:
الباب الرابع والأخير فقد خصص الناقد القدير والأستاذ الدكتور صالح معيض الغامدي - حفظه الله ورعاه - لدراسة نقد السيرة الذاتية العربية من المنظورين الغربي والعربي، وسعى إلى تحديد أبرز سمات هذه الدراسات النقدية، وأهم القضايا التي عالجتها.
والكتاب جميل، وفي فنه عليل، وقد خدم دراسة ونقداً يتضح هذا لمن تصفح الكتاب فكيف بمن قرأه ودرسه:
نفس عصام سودة عصاماً
وعلمته الكر والإقداما
صيرته بطلاً هماما
حتى علا وجاوز الأقواما
هذا، ويطرح الكتاب معلومات وموضوعات شتى لها علاقة وطيدة جداً بالسيرة الذاتية أو كتابة الذات منها على سبيل المثل: الرسائل الإخوانية، والرسائل الأدبية، وأنواع السير الذاتية سواء أكانت مجمعة أو المتشظية وهذا ضمن الباب الأول الذي يحوي الفصل الأول وعنوانه السيرة الذاتية في الأدب العربي القديم، ويحوي الفصل الثالث ضمن الباب الأول من هذه الدراسة الطويلة الماتعة قراءة هامة وهي قراءة كتاب (التبيان) لعبد الله بن بلقين وهي تظهر منهجية المؤلف - حفظه الله - وأسلوبه في قراءته وعرضه ونقده، وله كلمة هامة في مطلع القراءة يقول فيها: (على الرغم من التقدم الواضح الذي تحقق في مجال الدراسات التي تناولت النثر العربي القديم، فما زالت الحاجة ماسة إلى مزيد من الدراسة النوعية التي تضطلع بسبر أغوار كثير من الأجناس والنصوص النثرية) وقراءته للكتاب ماتعة ويقول حماه الله على سبيل التواضع: (وما قراءتنا التالية لكتاب التباين إلا محاولة لإثراء هذا الجانب البحثي).
وأخيراً: يغلب على الكتاب الدقة المنهجية الدقيقة، والغور بلطف واحترام لمصادر ومراجع الكتاب.
وآخراً: فالكتاب ما جد، وله تاريخ تالد.
عنوان التواصل: ص.ب 54753 الرياض 11524
hana.al saif@hot mail.com