استشهاد 12 طالباً مستجداً بقوات الطوارئ بعسير وثلاثة من العاملين بالمسجد ">
أبها - متابعة وتصوير - عبدالله الهاجري:
أراد الله أن يحمي قرابة 900 طالب مستجد من قوات الطوارئ الخاصة بمنطقة عسير، إلى جانب عدد من أفراد القوة وضباطها، وذلك حين صدر أمر قبل صلاة ظهر أمس الخميس بالإذن لهم والانصراف مبكراً لقضاء نهاية الأسبوع مع أهاليهم.
بقي القليل منهم، فضّلوا أداء الصلاة في مسجد القوة بمدينة أبها الذي يقع على طريق الرياض- بني مالك، والانصراف بعدها، تجهزوا لصلاتهم، المسجد يستوعب نحو ألف مصلٍّ، بقي الصفان الأماميان فقط، منهم من أدى سنة المسجد، أقيمت الصلاة، المصلون واقفون بين يدي الله، أحدهم فقط الذي وقف أمام الشيطان، بقيت الركعة الرابعة، قام الإمام من الركعة «سمع الله لمن حمده» وقام الشيطان الذي جهز نفسه بحزام ناسف وبينه الكثير من المسامير وقطع الحديد الصغيرة لزيادة الضرر، من الركوع فوراً، لعلها من لطف الله وتقديره بأن بقية الشهداء ما زالوا في ركوعهم، ومباشرة قام بتفجير نفسه، اختلفت رواية المنفذ بين مواطن جند نفسه لخدمة الشيطان وأعطى عقله للدواعش والإرهابيين، وبين عامل آسيوي، وما زالت الروايتان محل تأكيد بسبب عدم التعرف على الجثث حتى لحظة كتابة التقرير.
انفجار ضخم هز المكان.. أشلاء في كل مكان, على يمين الإمام كانت قوة التفجير، المكاتب القريبة تأثرت وتطايرت أبوابها ونوافذها، الحال داخل المسجد مأساوي، هنا تحرك الجميع، تأكد الحدث، عملية إرهابية نفذها أحدهم داخل مسجد قوة طواري عسير، هذا هو الفكر الداعشي وليس غيره، هو من يأمر أتباعه وأذياله بمحاولة قتل رجال الأمن، بدأت الجهات الأمنية تباشر الحادث، فرق الدفاع المدني، الهلال الأحمر، إسعاف المستشفيات هرعت للموقع، سبقهم أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد الذي وقف فوراً على الحدث لينتقل بعدها المستشفى ليطمئن على المصابين.
«الجزيرة» انتقلت فور سماعها الخبر لموقع الحادث، قبل وصولنا كانت هناك أربع نقاط أمنية، وبعد جهد جهيد وتوقف، تمكنا من الانتقال لقوة طوارئ عسير، هناك ظللنا الثلاث ساعات في انتظار لنتمكن من الدخول، وقبل دخولنا، سمعنا الكثير من القصص، ذوو الشهداء يصلون تباعاً حتى يتعرفوا عليهم، الأحاديث الخاصة عن سيارات مشبوهة، رجال الأمن في حالة استعداد لأي جديد، وأسلحتهم أمامهم، انتشارهم في كل مكان.
الساعة قاربت السادسة من مغرب أمس، رفضوا دخولنا مجدداً للمسجد -موقع التفجير- بحجة عدم اكتمال عملهم ورفع الأشلاء والبصمات، سياج أمني وبشري يلف الموقع، وبعد محاولات وبالتحدث مع مدير شرطة منطقة عسير اللواء محمد أبو قرنين سمح لـ«الجزيرة» بتصوير الواقعة..
في داخل المسجد.. أشلاء متناثرة.. جثث واضحة المعالم.. علامات أمنية لعدم الاقتراب، الوضع يدعو للتوقف.. أي فكر وأي عقل الذي أصاب البعض، هل باتت المساجد مسرحا لعملياتهم، وفي إطار المسجد، الضباط والأفراد في أحاديث مستمرة، لم ينتهوا من عملهم، حاولت كثيراً الخروج ببعض التفاصيل لم أجد إجاباتها، سوى الرجوع لبيان وزارة الداخلية، ولكن الأكيد بأن عدد الشهداء وصل إلى خمسة عشر شهيداً، منهم عشرة طلاب مستجدين استشهدوا في موقعهم واثنان آخران في المستشفى وثلاثة من العمال التابعين للقوة، وفي المستشفى بقيت هناك عدد من حالات منها أربعة في حالة خطرة جداً.
ومن الوطنية التي يتمتع بها أبناء هذا الشعب، هب الكثير منهم للمستشفيات للتبرع بدمائهم لإنقاذ المصابين، كانت صورا وطنية وملحمية تدل على نقاء هذا الشعب وحماية، الكل هنا يعزي البعض في الشهداء، والكل يدعي على كل فكرٍ شاذ.
من جهة أخرى، وجه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، بإيقاف جميع مظاهر الاحتفالات من أوبريتات ورقصات شعبية وألعاب نارية، مع استمرار الفعاليات الأخرى المصاحبة للمهرجان من محاضرات وفعاليات ثقافية واجتماعية بمهرجان «أبها يجمعنا»، تضامنا مع شهداء الواجب والمصابين، إثر التفجير الغاشم الذي استهدف مسجد قوات الطوارئ الخاصة بالمنطقة، ونتج عنه استشهاد عدد من منسوبي قوات الطوارئ الخاصة، وإصابة آخرين.