عامر بن فهد الصويغ ">
تبحث أحياناً عمّا تكتبه فتكتب سطرين أو ثلاثة ثم تمل وتتوقف، فالكتابة لا تستجدي ولا تستحضر من العدم، الكتابة صور وتراكيب، مواقف ومشاهدات تربط فينتج المقال، قرأت وبحثت حتى وصلت إلى حد الاقتناع بأن أصعب الوظائف هي التي تحتم عليك مقابلة الجمهور (العملاء) وتقديم الاستشارات والخدمات لهم، فلك أن تتخيل أنواع العقليات المختلفة والأمزجة المتنوعة التي قد تضطر لخدمتها والتعامل معها حتى لو كان ذلك لدقائق معدودة.
مع صعوبة تلك المهمة المناطة بالموظف أو الموظفة ينبغي التنويه أن ما سبق ذكره من صعوبة المهمة التي تتكرر يومياً لعدة مرات لا يسوغ للموظف أن يستثقل ذلك ويتذمر منه فذلك عمله المناط به والعميل الغلبان لم يأت لطلب خدمة شخصية منه أو استجداء عطفه وشفقته كي يساعده لينهي ما آتى من أجله.
مررت بتجربة مريرة قبل أيام تمنيت أن أرى ابتسامة أو ترحيباً مناسباً ولكن للأسف حتى رد السلام كان مقتضباً متهدجاً فلم أسمعه بوضوح قلت في نفسي دعك من ذلك المهم إنهاء المعاملة.
تذكرت حينها مقولة جاكسون براون (اعط الناس ابتسامة فقد يكون هذا أفضل ما يجده أحدهم طوال يومه).
كأن صاحبنا يتحدث كمن وضع له ضريبة للجمل الزائدة تخيلته للحظات يعد الأحرف وانتقلت إلى تويتر ناقلاً إحدى جمله الشحيحة ويا للمفاجأة 140 حرفاً بالضبط، أبهجتني المفارقة العجيبة لهُنَيهة وخمنت أن صاحبنا مغرد مشهور ولكنه بأسلوبه وعنجهيته يغرد خارج السرب بلا شك.
خرجت من مكتبه وأنا أردد بعض ما نسب إلى أبي الأسود الدؤلي حين قال:
وإذا طلبت إلى كريمٍ حاجةً
فلقاؤه يكفيك والتسليم
وإذا طلبت إلى لئيمٍ حاجةً
فألح في رفقٍ وأنت مديم
دفعني ذلك الموقف إلى البحث أكثر في ثقافة خدمة العملاء وتأثيرها على سير الأعمال في المؤسسات بشتى أحجامها مع تنوع خدماتها فوجدت إحصائيات حديثة تشير إلى أن 78 % من العملاء يعدلون عن شراء منتج أو طلب الاستشارة بسبب سوء جودة الخدمة ورداءة المعاملة من قبل موظفي خدمة العملاء.
كما تشير تلك الإحصائيات أيضاً إلى أن عدد الأشخاص الذين تصل إليهم التجارب السيئة عن المؤسسة يمثل ضعف عدد الذين تصل إليهم انطباعات أشخاص مروا بتجارب جيدة (المديح).
وفي النهاية قدرت تكلفة الحصول على عميل جديد لمؤسسة ما من ستة إلى سبعة أضعاف تكلفة المحافظة على عميل قديم.
لذا الجدير بالموظف أن يتأمل كيف يمكن لبشاشته وابتسامته أن تأتي بالربح لجهة عمله وكيف يمكن لاكفهرار وجهه وانعقاد حاجبيه أن ينقل للناس إنطباعاً خاطئاً وكأنه يقول (ابحث عن مكان آخر لتجد من يخدمك بشكل أفضل).
كما ينبغي على الموظف أن يستشعر ما رواه الشيخان في الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
- الخبر