تعليقاً على مقال (تحصين فلذات الأكباد) للأستاذ بدر السعيد فإن جميع الدراسات والبحوث تتفق على أن الإبداع والابتكارية تحفظ في الطفل عندما تحفظ له كرامته، فلا ننتظر من الطفل أن يكون مبدعا في دراسته وفي مستقبله بعد أن أهدرت كرامته، وعندما نقول «أهدرت كرامته» ليس بالضرب المبرح فحسب بل في نمطية تربية الوالدين والبعد بسبب أو بآخر عن الأبناء، ليكون هناك طفل عادي كسائر الأطفال لا يخلو من ممارسات خاطئة بعيدا عن الإبداع والابتكارية.
كما يجب على الأب أن لا يغفل عن الشورى الملزمة لأسرته وأطفاله -بمعنى الاستشارة- ليجدوا ذواتهم في محيط أُسرهم، فبالتالي سيفرضون ذواتهم في المجتمعات المحيطة بهم، كما أن همسات الأمهات في آذان أطفالهن في غرف نومهم تصنعهم أبطال المستقبل.
فكلما كانت الأم قريبة من أطفالها وقت النوم كلما شعروا بالأمان والطمأنينة.
يقول الدكتور إبراهيم الخليفي إن الإبداع يولد في الطفل في المرحلة الابتدائية وتحديدا في «ثاني ابتدائي» إذا كان موهوبا، أي من 3% إلى 5% من الأطفال هم الذين يبقون موهوبين ومبدعين.
وهذا ما يدفعنا إلى حالة التنمّر التي يعيشها الأبناء بعد سن الخامسة عشرة لإثبات شخصيته ليضعك أمام الأمر الواقع شئت أم أبيت، فقبل وصوله لهذه المرحلة المصحوبة بالمشاكل يجب أن يتدخل الوالدان لمساعدته في اختيارها الاختيار الصحيح.
أيضاً لا نغفل عن دور الجامعة فمعظم الجامعات لدينا تعيش في عزلة بعيدة عن الاحتكاك بأسر الطلاب ذوي السلوك المنحرف، ولا يشاركون في برامج الأسرة وغيرها من البرامج التي تعود بالنفع وتوعية الأسرة والأبناء على حد سواء.
ما دعاني إلى كتابة هذه المقالة هو أن نسبة كبيرة ممن دخلوا السجن بقضايا مختلفة هي ناتج تعامل آبائهم العنفوي معهم في طفولتهم ومراهقتهم، حيث بلغت نسبة المسجونين ناتج العنف الأسري 67% في عام 1434 هـ، فقد يكون الأب من المحافظين ولا توجد له ممارسات خاطئة وقضايا سابقة، ولكن بسبب تعامله العنيف لأبنائه ولد فيهم روح الجريمة والعقوق الذي بدأ يتنامى بشكل كبير، ففي العام نفسه وجد عدد 1200 حالة عقوق! وهذا يشكل خطرا قادما على الآباء والأبناء، فالنسبة ستكون في ازدياد في مجتمع مترامي الأطراف وعدد سكانه 27 مليون نسمة.
أخيرا:
لنصنع أبناء وجيلا مبدعا، فكلما احترمت الطفل أكثر احترمت عقله، وكلما بنيت المسؤولية والثقة في نفوسهم كلما أبدعوا، فالنجاح وحده لا يكفي للوصول إلى الإبداع والابتكار، واحذر عزيزي القارئ من التغييرات الأسرية، فكلما جاء التغيير من الداخل يكون بنّاء، وكلما جاء التغيير من الخارج يكون هداما.
نجوى الأحمد - جامعة الأميرة نورة