سعد السبيعي ">
يظل «الابتعاث» مرادفاً دائماً لمصطلح «البطالة»، وليست «البطالة» وحدها التي ترداف كلمة الابتعاث ولكن هناك مصطلح آخر هو «التنمية»، والتي تشكل هاجساً يؤرق الجميع تزامناً مع أي حديث يجري حيال الابتعاث.
ويظل برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي واحتياجات سوق العمل لهذا البرنامج عاملين متلازمين فبالرغم من مرور أكثر من 10 سنوات على البرنامج، وابتعث ما يقارب 150 ألف مبتعث ومبتعثة إلى 32 دولة حول العالم، ويكلف المبتعث الواحد ميزانية المملكة سنوياً ما لا يقل عن ربع مليون ريال..، يبقى التساؤل المطروح إلى أي مدى يحقق البرنامج متطلبات سوق العمل السعودي؟!
إذا تحدثنا عن احتياجات سوق العمل بالنسبة للاقتصاد الوطني فهذا شأن آخر فإذا ما قدر للتجربة أن تعمم على مستوى نظام التعليم الوطني. فما هي سوى سنوات قليلة حتى نرى تغييرا هيكليا حقيقيا في سوق العمل لصالح المواطنين في مملكتنا الحبيبة، وما يترتب عليه من وفرة في اليد العاملة في تخصصات حيوية ونادرة، ووفر هائل في نزيف الثروات الوطنية بسبب تحويلات الأجانب الذين لم نتمكن حتى الآن من الاستغناء عن خدماتهم بسبب النقص الكبير الذي نعاني منه في العديد من التخصصات العلمية والمهنية.
فلا فائدة للابتعاث إذا كان عبئاً على سوق العمل بزيادة العرض مع قلة الطلب في الوظائف، وما فيها من منافسة لخريجي الداخل على وظائف محدودة.
ولتأكيد أن القضية ليست مجرد شهادة وإنما هي توجهات عالمية في تطوير الكوادر البشرية نجد أن الطلاب الدارسين خارج دولهم يزداد يوماً بعد يوم، حتى أنه ازداد من أقل من مليون طالب عام 1975م إلى أكثر من أربعة ملايين طالب عام 2010م. الطلاب الأجانب بالدول الأوربية من خارجها بلغ 874 ألفاً بينما بلغ عدد الطلاب الأوربيين الملتحقين ببرامج دراسية قصيرة المدى أو طويلة المدى خارج دولهم وداخل دول الاتحاد الأوربي الأخرى حوالي نصف مليون عام 2007م.
ربما تختلف الدول في آليات التمويل ونوعية ومستوى برامجها في هذا الشأن، لكن في النهاية يتفق الجميع بأن تعلم الطالب خارج حدود بلده يشكل وسيلة هامة في مجال التنمية البشرية، فعندما توسعت المملكة في برنامج الابتعاث، أدركت بأن تلك هي التوجهات العالمية في تطوير العلوم والتقنية والتنمية البشرية بصفة عامة وهي تحاكي سبل التقدم الحديثة ولا تعيش بمعزل العالم، فلم يكن الأمر خياراً بقدر ما كان إحساساً ووعياً بالمسؤولية تجاه وضع مملكتنا في مصاف المتميزين علمياً وعملياً.
وختاماً إن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي رائد وضخم وناجح، حيث استفاد ويستفيد منه ما يقارب نصف مليون مبتعث ومبتعثة، كما خصص له أكثر من عشرة مليارات ريال، فلا يخلو بيت سعودي إلا وفيه مبتعث أو قريب له.