الجزيرة - أحمد القرني:
أجرى المركز الوطني للطب البديل والتكميلي دراسةً تهدف إلى التعرف على درجة الاهتمام بالطب البديل والتكميلي في الكليات الصحية بالمملكة العربية السعودية، من حيث المنهج التعليمي الجامعي، وبرامج الدراسات العليا, وأنشطة التعليم الطبي المستمر، إضافةً إلى معرفة أعداد المتخصصين والمهتمين بهذا الجانب من أعضاء هيئة التدريس.
وجاءت الدراسة التي استهدفت جميع الكليات الصحية بالمملكة العربية السعودية (طب, صيدلة, طب الأسنان, علوم صحية، علوم طبية تطبيقية، تمريض) بناءً على المعلومات المأخوذة من وزارة التعليم العالي، حيث بلغ عدد الكليات الصحية 110 كلية، تمثل جميع الكليات التي تمنح درجة البكالوريوس في تخصصات الطب والجراحة وطب الأسنان والصيدلة والعلوم الطبية التطبيقية، وكذلك كليات العلوم الصحية (والتي تنمح درجة الدبلوم في تخصصات التمريض والصيدلة ورعاية الفم والأسنان والصحة العامة وغيرها) بالإضافة إلى الكليات المتخصصة في التمريض (والتي قد تمنح درجتي البكالوريوس أو الدبلوم).
واحتوت استبانة الدراسة على سبعة أجزاء باللغة العربية روعي فيها ملاءمتها لأهداف الدراسة، حيث اشتمل الجزء الأول على خصائص الكلية من ناحية المكان والجامعة التي تتبع لها والتخصصات التي تدرسها وتاريخ الإنشاء, وتصنيفها (حكومية أم أهلية)، أما الجزء الثاني فركز على تفاصيل المساق الخاص بالطب البديل والتكميلي في الكلية إن وجد، والجزء الثالث احتوى المقررات المخصصة للطب البديل والتكميلي في منهج الكلية، وتفاصيل هذه المقررات من حيث مفردات المقرر، وعدد الساعات المخصصة له، والسنة الدراسية التي يدرس فيها، وهل هو إجباري أم اختياري؟ أما الجزء الرابع فاشتمل على تفاصيل المفردات المتعلقة بالطب البديل والتكميلي في مقررات ليست مخصصة للطب البديل والتكميلي. وركز الجزء الخامس على برامج الدراسات العليا التي تمنحها الكلية في مجالات الطب البديل والتكميلي إن وجدت، والجزء السادس شمل برامج التعليم الطبي المستمر التي تقدمها الكليات الصحية والمتعلقة بالطب البديل والتكميلي، أما الجزء السابع والأخير فاهتم برصد المتخصصين والمهتمين بالطب البديل والتكميلي من أعضاء هيئة التدريس في الكليات الصحية من حيث أعدادهم وتخصصاتهم ومؤهلاتهم.
وبينت الدراسة التي شارك فيها 90 كلية من بين 110 كلية صحية ضمن منظومة الجامعات السعودية، بنسبة استجابة تقدر بـ (81.8%). كما كان هناك تجانس في نسبة الاستجابة بين فئات الكليات المختلفة. حيث مثلت الكليات الحكومية (72.2%) من مجموع الكليات المشاركة في الدراسة.
وأظهرت الدراسة أنه لا يوجد مسار متخصص في الطب البديل والتكميلي في أي من الكليات الصحية بما في ذلك الدراسات العليا، لكن هنالك توجه لدى كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز لاستحداث مسار خاص بالطب البديل والتكميلي.
وأشارت الدراسة إلى أن هناك 11 كلية تدرس مقررات متخصصة في الطب البديل والتكميلي، وفي 9 كليات منها تعتبر هذه المقررات إلزامية للطلاب مع توجه 3 كليات أخرى لتخصيص مقررات للطب البديل والتكميلي في الخطط الدراسية القادمة. و كانت النظرة العامة عن الطب البديل والتكميلي المادة الأهم في خمس كليات من بين 11 كلية، وتوجد 15 كلية تدرس موضوعات أو مواد ذات علاقة بالطب البديل والتكميلي وذلك ضمن عدد من المقررات المختلفة.
ومن أهم المقررات التي تضمنت موضوعات ذات علاقة بالطب البديل والتكميلي؛ مقرر الأخلاقيات الطبية ( 7 كليات صحية) و ضمن مقرر علم الدوائيات في (3 كليات). وقد كان متوسط معدل الساعات المعتمدة المخصصة لمقررات الطب البديل هو (2.5) ساعة معتمدة و يتم اعتمادها عادة في السنوات النهائية.
ووجدت الدراسة أن هنالك 5 كليات فقط قامت بإدخال موضوعات ذات علاقة بالطب البديل والتكميلي ضمن أنشطة التعليم الطبي المستمر لديها وذلك في شكل ندوات أو محاضرات أو مؤتمرات.
وبلغ عدد المتخصصين في الطب البديل والتكميلي 16 متخصصاً، متواجدون في 7 كليات صحية، 7 منهم يحملون درجة الدكتوراه في بعض جوانب الطب البديل والتكميلي مثل المنتجات الطبيعية والتداوي بالأعشاب والتغذية العلاجية والطب النبوي والإبر الصينية والعلاج بالذبذبات الكهرومغناطيسية وتأثير التغذية على صحة الفم والأسنان. أما المهتمين بالطب البديل والتكميلي فبلغوا 84 عضو هيئة تدريس يعملون في 20كلية من الكليات الصحية ، منهم 20 مهتماً يعملون في إحدى كليات الصيدلة.
وأظهرت النتائج أن كليات الصيدلة هي الأكثر اهتماماً بالطب البديل والتكميلي مقارنة بباقي الكليات الصحية في المملكة. حيث تبين أن 42.9% من كليات الصيدلة اهتمت بتخصيص مقررات للطب البديل والتكميلي. كذلك وُجد أن لديهم اختصاصيين في الطب البديل والتكميلي أكثر من أي كلية أخرى.
وخلصت الدراسة إلى أن هناك نقص وتفاوت واضح في اهتمام الكليات الصحية في المملكة العربية السعودية بتعليم الطب البديل والتكميلي برغم شعبية الطب البديل و التكميلي الواسعة في البلاد، كما ظهر جلياً عدم وجود سياسة واضحة تختص بالطب البديل والتكميلي ضمن منظومة التعليم الصحي بالمملكة، بالإضافة إلى أن هناك نقص شديد في أعداد المتخصصين في الطب البديل والتكميلي مع وجود تفاوت كبير جداً في المحتوى ومتطلبات الدراسة حتى بين تلك الكليات التي لديها مقررات في الطب البديل والتكميلي، وهو أمر طبيعي حتى في البلدان المتقدمة نظراً لأن تدريس الطب البديل و التكميلي لا يزال في بداياته، ولاشك أن عدم وجود مسار للتدريب على الطب البديل والتكميلي في المستويين الجامعي وما فوق الجامعي يشير إلى وجود فجوه بين التعليم الطبي والموروث التراثي في المجتمع، الأمر الذي يعني ضرورة استحداث خطة واضحة لمعالجة ذلك.
وأوصت الدراسة بتطوير خطة وطنية لتقويم الوضع الحالي لمناهج الطب البديل والتكميلي في الكليات الصحية بالمملكة والخروج بتوصيات محددة لدمج هذه المناهج في كليات الطب، وتوظيف أكاديميين مؤهلين في مجال الطب البديل والتكميلي في الكليات الصحة وتشجيع إنشاء الكراسي البحثية في هذا المجال في الجامعات السعودية، وتعزيز الوعي بالطب البديل والتكميلي بين عامة الناس والمهنيين الصحي، بالإضافة إلى وضع إستراتيجية لدمج الطب البديل والتكميلي في برامج التطوير المهني المستمر وإنشاء برامج أكاديمية تُمكن من الحصول على درجات علمية في برامج الطب البديل والتكميلي.