حِفظُ القرآن بطريقة يرسخ بها في الحافظة
* أود أن أحفظ القرآن بطريقة يرسخ بها في حافظتي، وبدون أن تأخذ مني وقتًا طويلاً في الحفظ، فبم تنصحونني؟
- يقول: (بدون أن تأخذ وقتًا طويلاً) الوقت طولاً وقصرًا تحدده حافظة الشخص:
- فإن كانت الحافظة قوية حفظ في وقت يسير، وقد عرفنا مَن حفظ القرآن في ثلاثة أشهر، بل في مدة أقل من ذلك.
- وإن كانت حافظته ضعيفة يصبر ويحتسب وهو على خير، وأجره عظيم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» [البخاري: 5027]، وخيرُ ما يُتَعلَّم كلامُ الله -جل وعلا-، فيصبر عليه ولو أخذ عليه زمنًا طويلاً إذا كانت حافظته لا تسعفه، لكن لا ييأس.
ذكر الشيخ عبد القادر بن بدران في (المدخل) طريقة كانوا يسلكونها للحفظ، وذكرها البرغنجي أيضًا وهي أنهم يأخذون القدر الكافي المناسب للحافظة، ولْنَقُل مثلاً: خمس آيات، أو عشر آيات في اليوم، يرددها مريد الحفظ حتى يتقنها، ثم من الغد يردد ما حفظه بالأمس خمس مرات، ويحفظ نصيب اليوم، فإن كانت العشر شقت عليه بالأمس يُقلل، وإن سهلت عليه ورأى من حافظته أنها تسعفه في حفظ أكثر من ذلك فإنه يزيد، إذا قرر ما يناسب حافظته في اليوم الثاني وقد كرر ما حفظه بالأمس خمس مرات، فإنه يتجه إلى نصيب اليوم الثاني ويكرره حتى يحفظه، ثم في اليوم الثالث يكرر نصيب اليوم الأول أربع مرات ونصيب اليوم الثاني خمس مرات، ثم يلتفت إلى نصيب اليوم الثالث ويردده حتى يحفظه كما فعل في نصيب اليوم الأول والثاني، ثم في اليوم الرابع يكرر نصيب اليوم الأول ثلاث مرات والثاني أربع مرات والثالث خمس مرات، ويلتفت إلى نصيب اليوم الرابع وهكذا، ثم بعد ذلك يجد نفسه ليس بحاجة إلى تكرار نصيب اليوم الأول، ثم في اليوم الذي يليه يجد نفسه ليس بحاجة إلى تكرار نصيب اليوم الثاني وهكذا، فإذا استمر على هذه الطريقة ضبط الحفظ ولا يتفلّت عليه بهذه الطريقة.
المقصود أنه لا بد أن يختبر حافظته فلا يُرهق حافظته؛ لأن بعض الناس يُقبل بهمة وعزم ويقرر على نفسه صفحة كاملة أو ورقة كاملة، ثم يجد من نفسه أنه ينقطع ويتعب، والناس لا شك أنهم يتفاوتون في الحفظ كما أنهم يتفاوتون في الفهم، فعلى الإنسان أن يعرف قدر حافظته، فلا يرهقها أكثر مما تحتمل، وإذا وجدها تسعفه يزيد، ولا مانع من أن يحفظ في كل يوم ورقة أو ورقتين أو أكثر إذا كانت حافظته تسعفه، وقد وُجد من يحفظ في اليوم أكثر من ورقة.
أما مراجعة الحفظ: فيخصص وقتًا في الأسبوع لمراجعة كل ما سبق، وإذا انتقى من زملائه مَن هو قريب منه في الحفظ والفهم واشترك معه في مدارسة القرآن فهذا من أنفع الأمور. ومما يُعين على الحفظ الفهم، فيكون بيد مريد الحفظ كتاب من كتب غريب القرآن، فإذا أشكل عليه لفظ من الألفاظ الغريبة يراجعها في المختصر، شريطة ألاَّ يكون مطوّلاً؛ لأن المطوّل يعوقه عن مواصلة الحفظ، ومن المختصرات التي تكون بيد طالب العلم غريب القرآن لابن عزيز السجستاني، واسمه (نزهة القلوب)، طُبِعَ مرارًا وهو كتاب متين، ينفع أن يكون بيد طالب العلم لمراجعة الألفاظ الغريبة.
***
تداخل العبادات
* مسألة تداخل العبادات هل يندرج صيام الست من شوال مع صيام البِيض؟
- قاعدة التداخل عند أهل العلم كما قرر ذلك الحافظ ابن رجب في قواعده، إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، فالصغرى تدخل في الكبرى، وما ذكره من صيام الست من شوال مع صيام البِيض والاثنين مثلاً، فضل الله واسع، هذه تتداخل، يحصل له أجر البِيض ويحصل له أجر الاثنين، ويحصل له أجر السِت من شوال، وفضل الله واسع.
***
زكاة المال الذي يُملك بغير نية التجارة
* بيتُ ورثةٍ معروض للبيع منذ مدة طويلة لعدم بلوغ القيمة المطلوبة، ولم يتم البيع حتى الآن، ولا يزال معروضًا، فهل فيه زكاة؟
- المال الذي يملك بغير نية التجارة؛ كالإرث مثلاً، أو الأرض التي اشتراها ليقيم عليها سكنًا أو مشروعًا تجاريًّا لا بنية التجارة؛ فإن عامة أهل العلم لا يرون فيه الزكاة حتى يباع؛ لأنه ما مُلِكَ بنية التجارة، ولو نوى التجارة بعد ذلك فإن جماهير أهل العلم على أنه لا يصير للتجارة لمجرد النية حتى يباع. ومن أهل العلم من يرى أنه يصير للتجارة من نيتها.
وما ملك بإرث، ومكث مدة طويلة ولم يُقسم ولا عُدَّ للتجارة ولا عرض للبيع هذا لا زكاة فيه عند الجميع، لكن يبقى أنه إذا نوى التجارة بعد سنة مثلاً من ملكه بالإرث، فمن أهل العلم من يرى أنه يحتسب حوله من نية التجارة، ولا شك أن لهذا وجهًا؛ لأنه ورد: «كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع» [أبو داود: 1562]، وهذا أعدّه للبيع، لكن يبقى أنَّ قول عامة أهل العلم أنه لا زكاة فيه حتى يباع مرةً واحدة.
يجيب عنها : معالي الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء - عضو اللجنة الدائمة للفتوى