شيخة حمد الدعيلج ">
الكثير من الزوجات يتهمن أزواجهن بجفاف المشاعر.. والبُعد عن الرومانسيات، ويعتبرن أن الرجل السعودي هو الأبعد عنها!! وما أكثر ما نسمع منهن هذه العبارة «زوجي لا يحبني.. ولا يُسمعني كلمة حب واحدة».
ونحن لا ننكر الأثر الجميل الذي تتركه الأمور الرومانسية في النفس البشرية.. بل هي من أروع الإضافات للحياة الزوجية.. لكن لا ينبغي أن نحصر مفهوم الحب في الرومانسيات فقط.. ثم لا ينبغي أن ننفيها عن الرجل السعودي دون غيره.. فأنا أعرف صديقات لي من دول عربية شقيقة يقلن عن أزواجهن ما تقوله بعض السعوديات..
وقد نعذر من أطلقن هذه الاتهامات؛ فالمسلسلات والأفلام.. والقصص والروايات.. وما يُكتب في المواقع المختلفة.. أثَّر في مفاهيمهن.. وحصر مفهوم الحب لديهن في حيزه الضيق هذا..
أُخيتي الزوجة.. إن زوجك - بمشيئة الله - يحبك.. وربما ملأ حبك قلبه.. فهو لا يستغني عن وجودك بأي حال من الأحوال.. لكن تعبيره عن ذلك ليس بالضرورة كما تأملين.. ومظاهر حبه لك كثيرة.. ألا ترينه يحرص على رضاك.. ويعمل على إسعادك بالقدر الذي يستطيعه؟.. ألا ترينه يتألم كثيراً لألمك.. ويفرح دائماً لفرحك؟ ألا تستشعرين سعادته بك.. وبوجودك بينه وبين أطفاله؟.. والكثير.. الكثير.. مما لا نستطيع حصره.. كله دلالة واضحة على حب لكِ يحمله بين جوانحه.. لكن ضغوط الحياة.. والإرهاق في العمل.. قد تؤثر في تشكيل نفسيته، وتقلل من اهتمامه بهذه الأمور الرومانسية..
وأنت أيضاً غاليتي.. لن تواظبي على هذه الرومانسيات.. للأسباب المعيقة عنده نفسها.. وقد يضاف إليها أسباب أخرى..
عموماً أحبتي.. الحياة الرومانسية ليست هي ما يوصلنا إلى قمة السعادة الزوجية.. وليست هي الحل الأمثل للمشاكل الزوجية.. فإن ما يُكتب عنها إنما هو كتابات سهل كتابها نسجها.. وتفننوا في زخرفتها.. وأشعرونا بأن السعادة الحقيقية عبر حروفها.. لكن الواقع مختلف جداً عن لغة الحروف المزركشة..
الواقع إخوتي هو ما جَبَل الله الخلق عليه.. فهناك مشاكل تواجه كل حين الزوجين.. وهناك خلافات ربما نتجت من اختلاف في وجهات النظر.. حتى ولو طبقوا كل الوصفات الرومانسية.
أختي الحبيبة.. إن المرأة مطالَبة بالكثير للمحافظة على زوجها.. كما أن الزوج مطالَب أيضاً بذلك.. وهذه بعض مما يحقق لكما حياة هانئة بإذن الله:
- احرصي على أن تحسني معاملته، وتؤدي حقوقه، وتطيعي أوامره كما أمرنا بذلك ديننا الحنيف.. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلَّت المرأة خمسها.. وصامت شهرها.. وحصنت فرجها.. وأطاعت زوجها.. قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ».
- اجعلي العلاقة بينك وبين أهله علاقة طيبة؛ فهم يستحقون منك ذلك.. وهو يفرح به.
- احرصي على كرامته وكبريائه.. ولا تتعالي عليه بشيء مما حباك الله به.
- كوني قنوعة بحياتك معه.. ومستواها المادي الذي يتلاءم مع مقدرته.. ولا تطالبيه بحياة تشبه حياة هذه.. وتلك.
- اشكريه على كل جميل يصنعه لكِ.. فهذا يجعله يحبكِ أكثر.. ويبذل لكِ المزيد.
- وإن أردتِ أن ينطق زوجك بما تتشوقين لسماعه من كلمات عذبة.. فعليكِ أن تبدئي بها أنتِ أولاً.. أظهري له الاهتمام.. واغمريه بمشاعرك الحانية.. فستمتلكين قلبه.. وتستنطقين لسانه بمكنونه الدفين.. ولربما لا تجدين كل ما تتمنينه منه؛ فالرجال مختلفون.. لكنه - بلا شك - سيقدر حنوكِ عليه.. وتقربكِ منه، ويزيد من اهتمامه بكِ.. وإسعاده لكِ.
- تغاضي عن أخطائه البسيطة.. وتقبلي عثراته.. التي ربما كانت بجهل منه.. أو بسبب سوء تقديره للأمور.
- وحتى إن كان قاسياً.. حاولي أن تفهميه.. وتلتمسي له العذر؛ فلربما كانت قسوته بسبب منكِ.. (أنا أقول ربما).
- وانتبهي كثيراً من الغيرة المبالَغ فيها، التي هدمت بيوتاً كثيرة.
- لا تتدخلي في أموره؛ فلكل إنسان حرية شخصية.. وقضايا خاصة به.
أحبتي.. إن الحياة الزوجية أخذ وعطاء.. ورحمة ومودة وتعاون.
ولكل من الزوجين رسالة لا بد أن يؤديها؛ ليحافظا على نجاح تلك العلاقة.. ويرأبا صدعها.. إذا زلزله الشقاق..
وليعلم كلاهما أن الحياة الزوجية لا تخلو من منغصات.. ولا تسلم من كدر.. لكنهما مطالبان بالحفاظ عليها.. والصبر على كدرها.. واحتساب الأجر عند الله.
أخيتي الغالية.. كانت رسالتي موجهة لكِ؛ لأنني امرأة مثلكِ.. وأشعر بما تشعرين به.. ولأنكِ عظيمة.. وبيدكِ مفاتيح سعادة بيتكِ.. بعد الله.
وأخي الزوج.. أيضاً له دور كبير لا يُغفل عنه تجاه زوجته وبيته.. ومطالَب بالحفاظ على هذه العلاقة.. وتقويتها..
وختاماً أحبتي.. أسأله تعالى أن يجعل بيوتنا آمنة مطمئنة.. في ظل طاعة الرحمن. والحمد لله رب العالمين.