خيبة للمسلسلات الكويتية.. والإماراتية تتطور.. والبحرينية فقيرة ">
رصد - علي العبدالله:
تراجعت الدراما الخليجية في مُعظم الأعمال الفنية التي تم تقديمها في رمضان الماضي، وقلّت المنافسة التي تعودنا عليها بين هذه الأعمال وأخص بالذكر الأعمال الكويتية التي اتضح وبشكل كبير أنها تُعاني مُعاناة رهيبة في السنوات الماضية، والمُتابع الجيد لحال هذه الدراما يُلاحظ كيف بدأت بالانحدار التدريجي منذ بضع سنوات.
بينما نجد الدراما الإماراتية وفي ظل الدعم الكبير الذي تحظى به بدأت تتطور قياساً في الأعوام الماضية مع وجود بعض المُلاحظات عليها، أما البحرينية فلا زالت تُعاني من (فقرٍ) في الإنتاج الدرامي وهجرة للطاقات التمثيلية.
وعوده للحديث عن الدراما الكويتية التي كانت (تتسيد) الأعمال الخليجية وتتفوق على الجميع بفترات زمنية ماضية، ففي الواقع لم تعد كما كانت في سابق عهدها، كما أضاعت هذه الأعمال الهابطة هوية المجتمع الكويتي فأصبحنا لا نرى ثقافة المجتمع بعاداته وتقاليده وواقعه المُعاش في الحياة اليومية، بل نرى «مسوخا» لا تعبر بأي حال من الأحوال عن شباب المُجتمع الكويتي (الحقيقي)، وهذه الأعمال تُكرس المشَاهد السلبية والعادات السيئة التي تُقدم بشكلٍ مُبالغ فيه ودون مُبررات درامية تذكر، سوى لفت انتباه المتلقي بطريقة أقل ما يُقال عنها أنها (وقحة).
(أمنا رويحة الجنة .. باهت)
ظهرت الفنانة سعاد عبدالله بأداء أقل ما يقال عنه أنه «باهت» من خلال تقمصها لدور الأم (فاطمة) التي غابت عن أولادها وأحفادها لمدة تزيد عن 30 سنة، هذه الشخصية لم (تتشربها) سُعاد كما يجب، لذلك ظهرت مملة وغير مُقنعة للجمهور، وهذا الكلام ينسحب أيضاً على المُشاركين في هذا العمل الذي ظهر في مُجمله باهتاً ولا يستحق المشاهدة.
كما برزت في العمل مجموعة من المشاهد (المفجعة) والمثُيرة، دون مُبررات درامية تُذكر الأمر الذي ساهم في (نفور) المُشاهد من مُتابعة العمل أو الإقبال بحماس عليه، علاوة على ذلك إقحام الصُدف المفتعلة بشكلٍ غير منطقي أبداً وبعيد تماماً عن الواقعية.
أما على مُستوى الإخراج فقد بالغ المُخرج في استرجاع الذكريات بطريقة «flashback»، وكثرة (الارتجاع) الفني في مثل هذا النوع من الأعمال (يُقصي) عامل الإبداع، ويجعل المتلقي أسير الذكريات، وأنا هُنا لا أُقلل من أهمية «flashback» في دفع عجلة الصراع الدرامي إلى الأمام، ولكن الطريقة المُثلى لذلك ترتيبه بطريقة منطقية تتناسب مع الأحداث، عوضاً أن يكون هو الأساس في بعض المشاهد والحلقات.
بشكلٍ عام كان هُناك خللاً واضحاً في (الحبكة) الدرامية، لذا لم يكن البناء الدرامي للعمل مُتماسكاً كما ينبغي، لذا ظهرت المشَاهد التراجيدية (المشبعة) بالميلودراما ظهرت ثقيلة على المتلقي.
(حال مناير .. استهبال تمثيلي)
بقصة غير منطقية طلت علينا الفنانة حياة الفهد في عملٍ بعنوان (حال مناير)، هذا العمل لم يكن أبداً في المستوى المطلوب من فنانة بحجم حياة، حيث لم تُوفق في تقديم أداء جيد، واكتفت بكم كبير من مَشاهد (الاستهبال) الغير مُبررة من نجمة مثلها سبق وأن قدمت نجاحات كبيرة للدراما الكويتية في أوقاتٍ سابقة، واستهبال حياة في هذا العمل، امتد أيضاً للمُمثلين المُشاركين فيه، منهم على سبيل المثال لا الحصر الفنانة شيماء علي.
العمل باختصار يعتمد في فكرته الأساسية على انتقام إحدى الجارات ذات الدخل المحدود وهي (مناير) من إحدى صديقاتها من الطبقة (المخملية) التي تُجسد دورها الفنانة طيف، هذا الانتقام يأتي بطريقة ساذجة وغير منطقية أبداً، بالإضافة إلى ذلك افتقرت الحبكة الدرامية إلى التماسك، وذلك أثناء تطور أحداث الصراع الدرامي ودخول بعض المفارقات فيها.
«ذاكرة من ورق استنساخ خادش»
يُحاول بعض من المنتجين والمخرجين تقديم الدراما الكويتية بطريقة مُشابهة للدراما التركية خصوصاً بعد نجاح الأخيرة وحضورها بشكل لافت عند المُتابع الخليجي، لذلك شَاهدنا حزمة من المشَاهد التي تم تقديمها بنفس سيناريو الدراما التركية وبنفس طريقة التصوير والأداء، وذلك في مُسلسل (ذاكرة من ورق) الذي لاقى انتقادا كبيراً من قبل المُجتمع الكويتي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب وجود مشاهد جريئة تصل إلى درجة الإساءة للذوق العام وخدش الحياء, حيث شاهدنا في هذا العمل الذي تم تصوير أجزاء منه في أوروبا بسبب وجود بعض الشباب والشابات هُناك للدراسة، شَاهدنا فيه مَشاهد مُبتذلة ظهرت فيها الشابة الكويتية بشكلٍ سلبي حيث (الشذوذ)، والمجون والعربدة.
هذه الجرأة لا تُعتبر عاملاً جاذباً للمتلقي لأنها لم تُبنى على أساسٍ صحيح بل بالعكس نفرت المتلقي وأبعدته كثيراً عن هذا العمل، ولم تكتف بذلك بل شوهت صورة الأعمال الكويتية، وأساءت بشكل واضح للمجتمع الكويتي والخليجي، وهذا العمل شارك فيه مجموعة من الفنانين منهم شجون الهاجري، وعلي كاكولي، وفاطمة الصفي وآخرون.
(الدراما البحرينية)
الحديث عن الدراما البحرينية حديثُ ذو شجون لأن هذه الدراما لها صولات وجولات قبل سنوات عديدة كما اشتهرت بأنها دراما (ولاّدة) أنجبت نجوم وصدرتهم للخليج، كما احتضنت بعض من نجوم الخليج في فترات مُعينة، *كما أن البحرين في فترة ماضية من الزمن كانت ملاذاً آمناً لبعض المُنتجين، وذلك بغرض تصوير أعمالهم الفنية، وبسبب وجود مناخ فني مُلائم بمملكة البحرين، بالإضافة إلى توفر الطاقات التمثيلية وخصوصاً العُنصر النسائي، الذي كان يُعاني شُحاً في فترة من الفترات، وكذلك توفر الفنيين في الإضاءة، الصوت، والتصوير.
أما الآن فالأمور اختلفت كثيراً عن الماضي، إذ لم تعد البحرين ذلك الملاذ الآمن الذي يقصده بعض المنتجين، وتُعاني الدراما البحرينية حالياً من فقرٍ إنتاجي للأعمال الدرامية وكذلك من هجرةٍ مُستمرة للطاقات التمثيلية فيها وبلا شك أثرت هذه العوامل تأثيراً سلبياً على نشاط الدراما البحرينية بشكل عام.
(سوالف طفاش3)
أبرز الأعمال البحرينية التي لها مُتابعيها وحققت نسبة مُشاهدة لا بأس بها، يُعتبر المُسلسل الكوميدي التراثي (سوالف طفاش) الذي يستمر في جزئه الثالث على تلفزيون دبي، هذا العمل تدور أحداثه في مطلع أربعينيات القرن الماضي، ويُقدم شخصيتين رئيسيتين هما «طفاش وجسوم»، يجسدهما كُل من الفنانين علي الغرير وخليل الرميثي، بالإضافة إلى مُشاركة مجموعة كبيرة من نجوم الكوميديا البحرينية منهم سعد البوعينين، أمينة القفاص، غادة الفيحاني.
هذا العمل الكوميدي بدأ بداية قوية في جزئه الأول، لكنه تراجع نسبياً في رمضان الماضي بجزئه الثالث وذلك لسببين جوهريين الأول تكرار بعض الأفكار الكوميدية ما سَاهم في خلق نوع من أجواء الممل أثناء مُتابعة العمل، أما السبب الثاني فيتمحور حول زيادة (جُرعة) الارتجال الكوميدي من قبل الفنان خليل الرميثي التي لم تكن في محلها في أوقات كثيرة، ولعل المخرج يوسف الكهوجي (جامل) الرميثي كثيراً على حساب العمل وذلك بعدم تدخله في هذا الارتجال المُبالغ فيه.
وبنظرة عامة، فإن الدراما البحرينية قد تراجعت مؤخراً بسبب قلة إنتاجها الفني و(هجرة) أهل الفن البحريني من مُخرجين ومُمثلين إلى دول خليجية قريبة واستقرارهم فيها.
(الدراما الإماراتية تطور ينقصه الخبرة)
لم تظهر الدراما الإماراتية كما كانت في سابق عهدها، الحلقة الأضعف، بل أثبتت من خلال بعض الأعمال الجيدة المقدمة في رمضان 2015م، أن هذه الدراما قادمة بقوة للدخول في أجواء المُنافسة، وأنا أتنبأ لهذه الدراما وصولها لمراحل مُتقدمة خلال المواسم القادمة.
بطبيعة الحال تطور الدراما الإماراتية لم يأت من فراغ، بل بعملٍ دؤوب وجهود متواصلة ودعم إنتاجي مُنقطع النظير من قبل مؤسستي أبوظبي ودبي للإعلام، ولعل أبرز الأعمال الإماراتية في رمضان 2015م كان مُسلسل (دبي لندن دبي) الذي يُحاكي هموم الغُربة بغرض الدراسة في لندن من قبل الشباب الإماراتي، وشارك فيه مجموعة كبيرة من الفنانين منهم أحمد الجسمي، ورؤى صبان، ومحمد العامري وآخرون، والمسلسل من تأليف عيسى الحمر وإخراج جمعان الرويعي.
وكذلك شاهدنا مسلسلاً إماراتياً خالصاً بعنوان (شبيه الريح) للمُمثل سلطان النيادي، وتدور أحداث العمل بقالب كوميدي حول مُدرس يعود لسلك التعليم بعد أن قدم استقالته قبل أعوام.
ولكن ما يؤخذ على هذه الأعمال قلة الخبرة من قبل الفنانين الإماراتيين المُشاركين ولعل هذا الأمر يُصنف من الأخطاء الطبيعية في البدايات التي يجب أن تُقوم من قبل المخرج، عامل قلة الخبرة سَاهم في عدم صناعة مَشاهد درامية مُتقنة بأداء احترافي، ولكن بشكلٍ عام فإن الدراما الإماراتية قد تطورت قياساً بالأعوام الماضية، وأثبتت بما لا يدعو مجالاً للشك أنها قادرة على المنافسة.