اللواء الركن م. الدكتور/ بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود ">
كنت قد حدثتكم من قبل في أكثر من مقال، في أوقات متفرقة، عن وفاء قائدنا والدنا خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه، البطل الشجاع، السياسي الحكيم، الإداري الاستثنائي، القائد الحازم الحاسم الفذ، الذي أدهشت قيادته العالم كله اليوم، فصفق له الجميع إعجاباً، ووقفوا احتراماً، وتسابقوا يعلنون استعدادهم للدعم والمساعدة والمساندة، بعد أن فاجأهم سلمان، فسحب البساط من تحت أقدامهم، في خطوة جريئة شجاعة نادرة مفاجئة، أكدت للعالم أجمع أن العرب أمة قوية، تستطيع أن تحقق المعجزات إذا اجتمعت ووأدت خلافاتها الهامشية، من مذهبية وطائفية وعقدية وقبلية وجهوية وغيرها من خلافات مصطنعة، رسّخها في أذهانهم أعداء الأمة، لكي يتمكنوا من السيطرة عليهم، وتوظيفهم لخدمة مصالحهم، ومن ثمّ القضاء عليهم، على طريقة: (أكلت يوم أكل الثور الأبيض).
أجل.. تلك هي قيادة حكيمة حليمة صارمة شجاعة، أعادت للعرب مجدهم وعزّهم وكرامتهم، فعادوا إلى رشدهم واستعادوا ثقتهم في نفسهم، واطمأنوا إلى أنهم يستطيعون بعون الله تعالى، ثم بحزم سلمان وعزمه وإقدامه وصدق نيته وإخلاصه لربه، الاستغناء عن الخضوع لشروط الغرب المجحفة لتقديم الدعم والمساعدة، التي يفصلها الغرب دائماً على قدر مصالحه، غير آبهٍ بحق العرب والمسلمين في حياة كريمة مستقرة مزدهرة، يسودها الأمن والأمان.
وصحيح.. لا أريد هنا أن أعيد تلك الصور النادرة، التي حدثتكم عنها لوفاء سلمان، لأنني على يقين أن ذاكرة كل سعودي وسعودية تختزن آلاف الصور المدهشة، من ملازمته لشقيقه الفهد، حكيم العرب، الذي كان سلمان يرى فيه أباً ثانياً، لأكثر من عام، وسكنه إلى جواره في المستشفى، وبقائه إلى جانبه إلى أن فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها. ثم ملازمته شقيقه سلطان الخير، بالطريقة نفسها، واحترامه لأخيه الملك عبدالله، حبيب الشعب، وتقبيله لرأسه كلما التقاه في مجلس عام أو خاص، ووفائه لشقيقه نايف النايف، أسطورة الأمن والأمان، ولأخيه سطّام، ومرافقة كل من فاضت روحه من إخوته في سيارة الإسعاف إلى مثواه الأخير، في وفاء أدهش آلات التصوير، قبل أن يذهل المصورين أنفسهم، وأعجز الخطباء والشعراء وأساطين البلاغة، فلم أجد غير وصف صاحبه بأنه (أوفى من الوفاء).
بالطبع، هذا فضلاً عن وفائه لشعبه وتأكيده له في كل مناسبة: (يستطيع أي مواطن أن يرفع قضية تظلم ضد الملك أو ولي العهد أو ولي ولي العهد، أو حتى أي فرد من أفراد الأسرة) وحرصه على خدمة شعبه، وبذل المستحيل من أجله، والاستجابة لكل متطلباته، فقد رأيناه وهو يتوقف ليتصور (سيلفي) مع الصغار، ويطوف حول البيت العتيق مع جموع الطائفين دونما أية حراسة أمنية، فيتسابق الكبار والصغار لمصافحته، ويمد يده الكريمة لكل من يقبل عليه. إضافة لوفائه لأمتيه، العربية والإسلامية وللإنسانية أينما كانت، في ملحمة وفاء تعجز كل من يحاول سردها واستعراض مختلف جوانبها، لم يعهدها الناس اليوم في زعيم غير سلمان.
واليوم، شكلت تلك الملحمة المذهلة التي رسّخها سلمان في علم الإدارة، قدوة حقيقة لكل العاملين تحت قيادته من قادة الصف الأول، فرأينا أمراء المناطق واقفين إلى جانب جنودنا البواسل المرابطين في حدودنا الجنوبية، يشدون أزرهم ويوفرون لهم كل متطلباتهم، ويشيعون من يستشهد منهم، ويعودون جرحاهم في المستشفيات، فيقبلون رؤوسهم وجباههم الطاهرة التي لم تسجد لغير الله، كما رأيناهم في العيد، يشاركون المواطنين فرحتهم، فيزورون العلماء وطلبة العلم في بيوتهم، ويعايدون الأيتام ويشاركون عامة الناس في مختلف الفعاليات، مؤكدين مبدأ الأسرة الواحدة الذي رسّخه المؤسس، الملك عبدالعزيز آل سعود، طيّب الله ثراه، ثم سار على نهجه كل قادتنا الكرام إلى سلمان هذا العهد الميمون اليوم: (لا أرى نفسي غير أبٍ لأسرة كبيرة هي كل شعبي).
أبلغ من الكلام:
تداعت إلى ذهني هذه الخواطر وأنا أتابع، مثل ملايين السعوديين والسعوديات، صورة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، التي تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي يوم العيد، ثم تناقلتها وسائل الإعلام من محطات فضائية وصحف يومية وغيرها، وهو يقبّل بعفوية وتلقائية صادقة، رأس العلامة الشيخ الدكتور صالح بن حميد، إمام الحرم المكي، رئيس مجلس الشورى السابق، في صورة مفعمة بمشاعر المحبة والاحترام والتقدير للعلماء، تؤكد عظمة مدرسة سلمان. وبالطبع، كل علمائنا الأجلاء أهل لهذا التقدير والاحترام.
ومرة أخرى، يعيد هذا السلوك الرشيد الفريد للأذهان، تلك المقولة الرشيدة التي تناقلها الرواة، وكل من كتب عن تاريخ المؤسس، المعلم الأول: (... لا أظن أنه نقل عن ملك قول في احترام العلم وتهيب العلماء، مثل قول الملك عبدالعزيز آل سعود، إنه كلما رأى الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ: «تصبّب العرق من إبطي» من هيبة العلم واحترام العالم.
أعود لأوجز ما سبق: نحن بخير إن شاء الله وإلى خير، ودولتنا في أمن وأمان مادمنا نسير كلنا على خطى قائدنا والدنا سلمان، وكل ما أتمناه: أن يذهب كل منّا، صباح كل يوم، إلى عمله، لا سيما الأخوات الكريمات والإخوة الكرام، موظفي الدولة في كل القطاعات، إلى عملهم وهم يستعرضون هذه الصور المدهشة من وفاء قائد أدهش الوفاء، فلم نجد له وصفاً غير أنه (أوفى من الوفاء).