عبداللطيف بن محمد الحميدان ">
مما لا شك فيه انه من خلال قراءة تاريخ الدول السابقة والحالية يتضح أن هناك قرارات تاريخية مفصلية حازمة اتخذت من قبل القادة، وأصبح الأمر في نظر من تمعن في هذه القرارات أن هناك فرقاً بين صناعة التاريخ وكتابته. فصانع التاريخ مُتَّخِذ القرار وكاتب التاريخ من وثَّقه.
ومن خلال هذه المقدمة يطيب للكاتب أن يسرد كيفية اتخاذ القرارات الخارجية عبر التاريخ التي لا تخلو من مراعاة عدد من الأمور الاستراتيجية والتي تعتبر المحددات الرئيسية لصناع القرار والتي ينبغي أن تتخذ بناء على الاعتبارات التي تحقق الأمن والاستقرار والنماء لهذه الدولة.
أول هذه الاعتبارات أن يراعى في الاعتبار أن الدولة جزء لا تتجزأ من منظومة المجتمع الدولي ولا يمكن تجاوز هذه المسألة عندما يتخذ القرار، والأمر الثاني علاقة هذه الدولة بدول الجوار التي ينبغي أن تكون إيجابية ومستقرة، والأمر الثالث الأخذ في الحسبان أهداف الدولة ومصالحها العليا، والأمر الرابع ينبغي ألا تطغى العلاقات الثنائية للدولة صاحبة القرار على علاقاتها الثلاثية أو الرباعية وخلافه، ثم توضع هذه الاعتبارات في منظومة واحدة يتم صهرها مع بعضها البعض، ثم يتم إخراج السياسة الخارجية بروح صانع القرار الذي يسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار والنماء والازدهار لهذه الدولة، بالإضافة إلى أن هناك عددا من الأمور التي تسهم في وضع التصور الصحيح لسياسة هذه الدولة، ومن ضمنها الأخذ في الاعتبار مواكبة كل التطورات والتغيرات والتهديدات والمهددات التي ستكون عائقا أمام الاستقرار والنماء لهذه الدول. ولهذا فإنَّ المواطن عبر تاريخ الدول قد لا يرى كل هذه الاعتبارات ويقتصر نظره على زاوية واحدة لا تجعله يدرك الصورة الكلية التي بناء عليها كيف يتخذ القرار من قبل صناع القرار عبر التاريخ، ولكنه في نهاية المطاف يرى هذه الثمار بعد خروج نتائجها ولكنه لا يعلم بأن هذه الثمار هي نتاج القرار الذي اتخذ من قبل القيادة العليا.
المتمعن في قرار عاصفة الحزم الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لدعم الشرعية في اليمن فانه لم يخرج من الاعتبارات والأمور السابقة، وقد جاء بعد استشارة واستخارة وقرار حازم من خادم الحرمين الشريفين غيَّر مسار مجرى تاريخ المنطقة، وأعاد الحسابات ووضع المسار الجديد للتعامل مع الأحداث التي كانت تهدد الاستقرار والأمن والطمأنينة لشعوب المنطقة التي أنهكها التدخل الخارجي خلال العشرين سنة الماضية، وَمِمَّا لا شك فيه أيضاً فإنَّ قلة صناع القرار في العصر الحديث أثرت سلبا على واقع الأمة والمنطقة، ولكن بعد القرار الحكيم الذي وضع النقاط على الحروف فإنَّ الأمة بدأت تستعيد أنفاسها لأنهم ليسوا طلاب حرب ولكنهم طلاب، حق نظرا لأنهم يتطلعون الى أن يعبر صناع القرار في الأمة عن تطلعاتهم كما فعل خادم الحرمين الذي اتخذ قرارا عبر عن تطلعات العقلاء وغالبية أبناء الأمة العربية والإسلامية، فشكراً شكراً من الأعماق لصانع التاريخ الذي غيّر مسار التاريخ في المنطقة ملك العروبة سلمان بن عبد العزيز.