د. محمد عبدالعزيز الصالح
نتفق جميعاً أن نهاية المطاف لكل موظف في القطاعين العام والخاص هي إلى التقاعد, وما لم يكن هناك ترتيب لهذه المرحلة اما بعمل خاص او خيري فان اقرب السبل الى المتقاعد ان يجد من يحتضنه ويستفيد من خبرته ويعيد توجهه واهتمامه كي يستفيد المجتمع من تراكم الخبرة والمعرفة لديه فيما يسميه البعض بزكاة العمر، وهذا لا يمكن ان يؤدى الا من خلال مظلة اجتماعية او احدى مؤسسات النفع العام التي نفترض ان من يمثلها هي الجمعية الوطنية للمتقاعدين.
وفي أحد الصوالين الادبية التي يعد انتشارها من باب المسؤولية الاجتماعية لأصحابها وكذلك لروادها، كان النقاش حول الاحتفال القريب بمرور عقد من الزمن على انطلاقة الجمعية، وتم التعريف بأهدافها ورسالتها ورؤيتها والتي وجدناها اقرب الى المثالية، وأصبح الجميع يتطلع الى الانخراط فيها بعد التقاعد مباشرة او قبله لان نظامها الذي لم يقر خلال هذا العقد او لم يصدر بعد يجيز لمن تجاوز الـ 55 عاماً ان يكون عضواً عاملاً فيها او منتسباً لها وبينهما فرق في المنافع لا شك, إلا ان الحزن الذي اصاب الجميع والذهول المطبق عندما تحدثوا عن الانجازات خلال العشر سنوات الماضية ووجدناها ملئت في 60% من عمرها بالمشاحنات وافرادية الرأي والقرار ولم نجد منجزاً يستحق الوقوف عنده او الاشادة به بالرغم من انها حظيت بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو رئيسها الفخري الاسبق الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله والعديد من اصحاب السمو والمعالي ورجال الاعمال والقطاعات الاقتصادية صاحبة المسؤولية الاجتماعية التي تتطلع لتبني مثل هذه الكيانات المجتمعية التي تضم خبراء الوطن وقياداته، وتألمت كثيراً لعدد من الامور التي سأذكرها وتستحق أن يفرد لها مقالات كاملة وسنتركها لاهتمام صاحب الفكر الجديد معالي وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور ماجد القصبي، ومن تلك الأمور ما يلي:
1. عدم الاستفادة من الدعم المالي الذي قدم للجمعية بالملايين والذي قد استهلك في رواتب وإيجارات بالإضافة إلى اشتراكات الاعضاء التي قدموها كي يستفيدوا ولم يسلموا ولم يستفيدوا.
2. تبخر الحلم الذي كان يراود المتقاعدين بإنشاء مراكز الأمير نايف الاجتماعية والدعم الذي كان يوليه -رحمه الله- للجمعية وتعاقب اصحاب السمو على رئاستها الفخرية واهتمامهم بها.
3. تحييد الهيئة الاستشارية برئاسة سمو الأمير سعود بن ثنيان وعضوية اكثر من 30 قامة اجتماعية من رؤساء الجامعات ورجال الاعمال والوجهاء ورؤساء مجالس إدارات البنوك.
4. عدم اقرار نظام اداري ومالي للجمعية طيلة الاعوام الماضية واعتمادهم على دليل استرشادي للجمعيات الخيرية، وهي بيت الخبراء وعجزها عن إصدار لوائحها التنظيمية المختلفة.
5. عدم استكمال المسيرة الراشدة بعد المرحلة التأسيسية للجمعية والتي تولتها الدورة الأولى وبنت لها الاسس السليمة للانطلاقة الحقيقية كي تكون البيت الثاني للمتقاعدين والمتقاعدات.
6. ضياع الجهد والمال في الدراسات الاقتصادية الاستثمارية التي تجاوزت ست مبادرات لتخدم المتقاعدين وتكفل بها احد رجال الاعمال وتجاوزت كلفتها 300 ألف ريال دون فائدة.
7. من المحزن أن عدد المتقاعدين على مستوى المملكة تجاوز المليون متقاعد في النظامين، وعدد الأعضاء المتقاعدين المسجلين العاملين 1300 عضو والمستفيدين 6000 عضو.
8. لماذا اقتصر اهتمام الجمعية بأصحاب الدخول المتدنية فقط ولم تهتم باهل الخبرات والكفاءات الذين في الاهتمام بهم ربما معالجة اوضاع المحتاجين بأسلوب حضاري راق؟.
9. لماذا قدمت احتياجات المتقاعدين مؤخراً للوزير وهي التي استغلت في الظهور الاعلامي لبعض الاعضاء طيلة الست سنوات ولم يحققوا منها شيئاً؟ أم انها دعاية انتخابية مسبقة؟.
10. كيف للجمعية ان تبني مستقبلاً للأجيال القادمة من المتقاعدين وهي التي لم تقر خطة إستراتيجية في عقدها الماضي، وكذلك خطة لتنمية الموارد والاستثمار وخطة اعلامية او مجتمعية.
اخيراً: معالي الوزير.. لا شك ان الوزارة تعيش ثورة في الفكر والتخطيط والتنظيم لم تعهدها من قبل مقدمك, والمتقاعدون في ازدياد سواء اهل الحاجات او اصحاب الخبرات ، ولا بد من ان يكون ملف المتقاعدين كالورقة المجتمعية الرابحة التي تستلزم عناية خاصة لا نشك مطلقاً انك مهتم بهذا الملف، وماضي الجمعية يستدعي الدراسة حتى لا تتكرر الاخطاء, ولا بد من ضوابط للانتخابات والمرشحين وبرامجهم الانتخابية وسيرهم الذاتية وحتى قواهم الجسمية والذهنية، لأن ما يدور خلف الكواليس لا يبشر بخير من بعض المتقاعدين أنفسهم، ومن لا يقدم المصلحة العامة، فالجميع والجمعية ليسوا في حاجته، لأن اليوم عمل، وقد يكون بلا حساب، وغداً حساب ولا عمل, كما لا يخفى على معاليكم ملف المخالفات المالية الذي أصدرته الوزارة ورفع الى سمو الرئيس الفخري والذي ينتظر اعضاء الجمعية ما تم عليه واعادة الاموال التي صرفت دون مستند نظامي لان هذه اموال الاعضاء المنتسبين لها وليست اموال مجلس الادارة أو الادارة التنفيذية فيها ولا أحد يملك صلاحية الإعفاء إلا هم.