جوسلين.. المرأة البسيطة والعادية في نهاية الأربعينيات متزوجة من جو من سنين طويلة، لهما ابن وابنة شقّا طريقهما بعد أن كبرا، جوسلين وزوجها جو يعيشان وحيدين في مدينة آراس، مدينة تصفها بقولها: (مثل هذه المدينة المرعبة، هذه المدينة المكفهرة التي لا يستطيع أحد أن يفر منها ولا يصل إليها أحد قط ولا أي فاتك بالقلوب ولا أي فارس أبيض على جواد أبيض)..
تبدأ تسأولاتها بعد أن ربحت ورقة يا نصيب بثمانية عشر مليون يورو..
عند قراءة كتاب لائحة رغباتي للروائي «غريغوار دولاكور»، لا بد أن نتساءل: هل المال مهم؟!
هل الربح هو أساس بداية حياة جديدة حقاً، تتحقق فيها الأحلام.. أم هو بداية الهموم؟
تصف جوسلين: «كما ترون يكذب المرء على نفسه دوماً لأن الحب لا يصمد أمام الحقيقة»..
إن أعظم فرصة في الحياة أن يقرر الإنسان حياته، وهذا أعظم ما يمكن أن يُوهب لنا وليس أن تربح المال..
هل أستطيع القول بأنني قررت حياتي؟ لا.
اكتشفت جوسلين أنها تعيش كذبة «جو الزوج» وأنها الحاجة فقط والمرأة تحتاج إلى أن يحتاجها أحد ما.
لقد شاهدت الزمن الذي يبعدنا عن أحلامنا ويقربنا من الصمت، لم تستطع جوسلين شراء حب زوجها بالمال أو رجوع ولديها لها وتقريب المسافات, أو تعويض السنين الضائعة بعيدة عن والدها.
كل شيء في الحياة يحتاج إلى لائحة، لائحة طلبات المطبخ، لائحة الحياة، لائحة رغباتي..
«كانت الأرقام تصيبني بالدوار ذات يوم في سن الثامنة عشرة.. أعطاني أبي ما يعادل الألفي يورو، وقال لي إنه مبلغ كبير، وبهذا المبلغ يمكنك دفع إيجار شقة أو رحلة جميلة أو شراء كتب أو شراء سيارة..
وبدا لي أني آنذاك غنيّة، أدرك اليوم أنني كنت غنية بثقته وهذه أعظم ثروة، أعرف أنه كلام مكرر لكنه حقيقي.. لقد ربحت اليانصيب!
قررت بعدها أني أحتاج إلى لائحة الاحتياجات, وقررت أن أكتبها..
مصباح من أجل طاولة المدخل، مقلاة تيفال، ميكروويف جديد، سكين للخبز، عصّارة خضار، فراش من ريش، ستارة للحمام، صيدلية صغيرة..
لماذا عندما نكسب المال الكثير نقرر أن نغير حياتنا؟ تغيير منزلنا، تغيير حياتنا، تغيير العائلة؟!
ما قيمة المال بدون حب وبدون عائلة؟!
هل من المنطق أن أضع لائحة الحماقات؟ منزل جديد، سيارة بورش، شقة في لندن، عمليات تجميل.
في الحقيقة ليس لدي لائحة احتياجات ولكن لائحة رغبات هذه الحاجات هي التي تبقينا على قيد الحياة لذلك يتفاخر المرء في مشترياته.. يبرمج الأمكنة التي سيزورها يقارن أحياناً يملأ خزائنه وأدراجه، يمضي في حياته يملأ المنزل بالأشياء كي يستطيع استبدالها كي يغدو لديه شيء ما للعمل في اليوم التالي..
«كنت أحب بعمق حياتي وعرفت من الوهلة الأولى التي ربحت فيها أن هذه النقود تفسدها.»
لأن احتياجاتنا هي أحلامنا الصغيرة اليومية، هي أشياؤنا الصغيرة الواجب فعلها، لكن الطمع الإنساني يعمي البصر والبصيرة ويجعلنا نرى الرغبات احتياجات، أن السعادة الحقيقية هي في الاستمرار في الرغبة فيما نملكه فقط، فنحن لا نحتاج للكثير من الحاجيات، أن هذا الكتاب جعلني أرى فعلاً ما يمكن أن يقدّمه المال من أشياء، وأن هنالك ما لا يستطيع المال شراءه.
أحلام الفهمي - الدمام