الشباب عندنا يعيشون على كرة القدم، يأكلون كرة القدم ويشربونها ويتنفسون بها، ولا غرابة طالما هي المتنفس الوحيد لهم، في ظل تقاعس الهيئات والمؤسسات التي تعنى بالنشاطات الاجتماعية وهموم ورعاية الشباب، وعلى رأسهم الرئاسة العامة لرعاية الشباب نفسها، وفي ظل ورعاية (خصوصيتنا) التي تحملت وعلق عليها الكثير من الفشل في احتضان الشباب وفئات المجتمع كافة، وإذا اتفقنا مع من يتحفظ على وجود السينما والمسرح وغيرها، من النشاطات التي تملأ فراغ الشاب وغيرهم، بحجة تعارضها مع خصوصيتنا، فأين البديل؟ وهل تشاهد هذه المؤسسات والهيئات القائمة على رعاية الشباب، ومعهم من يسعى دوماً بعلم أو بغير علم على خنق الشباب، وغلق كل الأبواب التي يدخلون منها إلى أبسط عوالم التسلية والترفيه وملء وقت الفراغ، حتى تلك البريئة منها، وباسم (الخصوصية) التي امتهنت وابتذلت كثيراً وظلمت أحياناً، هل يشاهدون ما يحدث مع الشباب الذين يشكلون أكثر من نصف عدد سكان المملكة، بعد انتهاء الموسم الرياضي، من فراغ وحيرة وإحباط حتى يبدأ الموسم الذي يليه، جراء ذلك التضييق وعدم الاكتراث بهم، وعدم خلق الأجواء والنشاطات والأماكن المناسبة التي تحتضنهم وترعاهم وتملأ وقت فراغهم، وألا يشاهدون ويسمعون ما يحدث من بعض الشباب، في الوقت الذي لا تكون فيه منافسات رياضية، من تجاوزات وتصرفات غير مقبولة، وهذا ما تؤكده وزارة الداخلية وإدارات المرور، وذكره الأمير نايف -رحمه الله- في لقاء متلفز، وإذا كانت كرة القدم بالذات، هي من تستهوي الشباب أكثر من غيرها، لماذا لا تنسق رعاية الشباب، مع اتحاد القدم ولجان مسابقاته، على توزيع مسابقاتهم على العام كله، بدلاً من حشر كل المسابقات في وقت واحد، خصوصاً كأس الأمير فيصل، التي تلعب مع غيرها من المسابقات، ولا تحظى بالمتابعة ولا الحضور الجماهيري، فلماذا لا تفصل هذه البطولة على الأقل وتجعل بعد نهاية الموسم، خصوصاً أن من يلعب فيها هم اللاعبون الأولمبيون، ولن يكون هناك جهداً زائداً، على لاعبي الفريق الأول، وبهذا نضمن متابعة هذه البطولة، وملء فراغ الشباب طوال العام، الاقتراحات كثيرة والحلول أكثر، لكن من يهتم ومن يعمل ومن يحرص بجد على رعاية الشباب.
طرفة أغسطس
لم يبق أحد من الرياضيين وحتى غير الرياضيين، إلا وتحدث عن نقل مباراة السوبر بين الهلال والنصر، إلى (لندن) وغالب من تطرق إلى هذا النقل لم يخل حديثه ونقده من التهكم، على مكان النقل وليس على الفكرة ذاتها، فنقل السوبر من حيث الفكرة قد يكون مقبولاً ومستساغاً، لو كان هذا النقل إلى أحد مصايفنا التي البعض منها أكثر برودة من لندن، أو حتى في أصعب الأحوال إلى أحد البلدان الخليجية، التي تتلهف لرؤية الديربي السعودي على أراضيها، وجماهير الفريقين لا تقل هناك عن جماهيرهما في السعودية، وهي الفكرة التي كانت تدور في كواليس الاتحاد في البداية، قبل أن يطير السوبر إلى ذلك الملعب السيئ تقييماً، واستيعاباً للجماهير، وفي كل خدماته ومرافقه، وهو جيد فقط في عيون اتحادنا المبجل، ولو تجاوزنا عن عيوب الملعب، وعن صعوبات تنقل الفريقين وإرهاقهما، خصوصاً الهلال، الذي سيلعب بعدها بأقل من أسبوعين في الرياض مباراة آسيوية في غاية الأهمية، ولو سلمنا بكل مسوغات وحجج أصحاب الفكرة، فكيف وبأي حال سنسلم باقتلاع السوبر من جماهير الفريقين هكذا (عنوة) وهو حق من حقوقهم، وتسليمه فقط للمصطافين والأثرياء وأبنائهم، الذين ستتجه بوصلتهم نحو عاصمة الضباب خلال آب اللهاب، نقل السوبر إلى لندن طرفة أضحكت كل المتابعين الرياضيين، وأبكت جماهير الفريقين.
- صالح الصنات