'لوحة تراجيدية ">
الفنان القدير على ماذا؟!!.. يعيش منذ أعوام على هذا الرصيف في أهوال برد ناغل، أو نَصَبِ حر حارق، فقد يتظاهر بأن مجداً ما ينتظره على هذه الأرصفة.. فإن لم يأتِه المجد هنا على هامش هذه الحياة المتوترة فإنه سيظل فناناً لا يشق له غبار، بل سيثبت للمارة أنه بالفعل من فصيلة الدراويش.
بعد أشهر من التعب والبقاء على هذا الرصيف عارضاً لوحاته ومتشاغلاً في رسم المارة وتلوين وجوههم.. لم يعد قادراً على تأمين قوته؛ فشرع في بيع بعض الحلوى للمارة وأقلام الرصاص والأوراق.
فاقة تكبله، وجوع يضيره على الاستجداء، فيما يرى البعض أن لوحاته التي فارقته أفضل حظاً منه.. فهي التي تقبع الآن في رواق عرض أُعد لها بعناية، فبعد أن تم اقتناؤها منه بأسعار زهيدة ها هي تحقق مجد صاحبها الجديد بعد أن بلغت قيمها حالات قياسية في آخر مزاد تم إعداده لعشر لوحات مميزة، كان ثلاث منها لفنان الرصيف.
الطريف في الأمر أنه لا يزال يعاني على أرصفة العمر من غوائل الزمان فيما لوحاته يضرب بها المثل، ولم يشأ أن يأتي إليها؛ لأن هيئته لا تعكس واقع هذه الأروقة التي تعد للمزادات المبهرة لمثل هذه اللوحات الفائقة جمالاً.
يعاني الفنان القدير!! من تدهور صحته واعتلال حياته وتهالك قواه.. وحتماً سيعيش زمناً ما على هذا الرصيف متسولاً، وسرعان ما يغيب في حفر النسيان، لكن على النقيض هناك.. فإن لوحاته تتألق في عروض زاهية، وتستقر في أماكن ملائمة، تقيها الحر والقر.
- عبدالله السلطان