.د.عبدالله بن محمد الشعلان
ظاهرة ملفتة بدأت تنتشر وتتسع لتغرق الأرصفة وعند التقاطعات وجوانب الطرق بمعروضات أولئك الباعة (بطيخ، فواكه، خضار، تمور، إلخ)، وهذه الظاهرة الغريبة وغير الحضارية نراها وقد اتسع نطاقها
وانتشر مداها حتى بتنا نشاهدها الآن في معظم الشوارع الرئيسة وقد احتل الباعة (من وافدين غير نظاميين) أرصفتها وتقاطعاتها وضيّقوها بسياراتهم ليقوموا ببيع تلك المنتجات بشكل مكشوف تحت أشعة الشمس الحارقة وما يحمله الجو من غبار وأتربة وما تنفثه السيارات من غازات وأبخرة، ناهيك عن المخاطر التي قد يتعرَّض لها أولئك المتواجدون حول تلك (البسطات)، بالإضافة إلى عرقلة وإرباك الحركة المرورية لمستخدمي الطريق.. فمتى تقوم الأمانة يا ترى مشكورة بإزالة تلك الظاهرة المقلقة وغير السوية للحيلولة دون انتشارها وتفاقمها والحد من تبعاتها ومساوئها؟
بائعو الماء عند الإشارات (عمالة سائبة)
عند وقوفك عند إحدى الإشارات فلن تعدم أن ترى أفراداً من العمالة الوافدة السائبة تتجوَّل بين السيارات تقوم ببيع الماء مستفيدين من ارتفاع درجات الحرارة في هذا الصيف، مما يُسبب إرباكاً وتعطيلاً لحركة السير ومخاطر ومشاهد غير سوية ولا حضارية، وهذه ظاهرة بدأت تُمارس من قِبل تلك العمالة الوافدة، وإذا كنا مدركين لصعوبة إجراءات تأشيرات العمل، فقد يتملَّكنا العجب من أمر تلك الفئة مما يجعلنا نتساءل: هل قدموا لهذه البلاد لممارسة هذه المهنة والقيام بهذا العمل ليس إلا؟، ولماذ هذا التقاعس من المرور في إبعادهم بل وفحص إقاماتهم والتأكد من هوياتهم ومعرفة كفلائهم؟.
المتسولون.. (وأشباههم)
ظاهرة بدت ظاهرة للعيان ألا وهي تفشي مهنة التسول عند الإشارات وفي المساجد وعند آلات الصراف وأبواب المطاعم وساحات التسوق وحتى افتراش الأرصفة واحتلال منعطفات الطرق في بعض الأحياء التي يختارونها بعناية!. والملاحظ أن العنصر النسائي يُشكِّل معظم إن لم يكن كل المتسولين؛ والأدهى من ذلك اصطحابهن أطفالاً رضعاً لغرض استدرار الشفقة والعطف، مع العلم بأن أولئك الأطفال يعانون الأمرَّين من حرارة الشمس وقسوة الأجواء. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد فحسب، بل يوجد فئات أخرى من المتسولين وهم أولئك الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين الرابعة والعاشرة وهم عناصر غريبة يتسللون إلى هذا البلد فقط لامتهان التسول والاستجداء وتعرفهم بسحناتهم الغريبة وثيابهم القصيرة وشعرهم الأشعث ولكنتهم المختلفة، وقد نستغرب لمن يجمع هؤلاء النقود؟.. ولأي غرض؟.. وبعض من هذه العناصر الغريبة (وهم فتيان غرباء أيضاً) يتواجدون عند الإشارات يمتهنون التسول ولكن بأشكال وأساليب أخرى وهي مسح زجاج السيارة أو بيع مياه الشرب أو عرض أشياء أخرى للبيع.. كما أن ثمة نمطاً آخر من أشباه المتسولين، وهم أولئك الفئة من العمالة التي تقوم بتنظيف الشوارع، فتراهم يرابطون قرب الإشارات ويتظاهرون بالتنظيف، ولكن عيونهم في الواقع على أصحاب السيارات لأنهم وجدوا فيهم مَنْ يتعاطف معهم ويجود عليهم، مما دفعهم للتراخي والإهمال في أداء واجباتهم ومسؤولياتهم والتكالب عند الإشارات وبقربها.
طريق الملك فهد.. (معاناة مستدامة)
هنالك الكثير من الطرق الرئيسة في مدينة الرياض وطريق الملك فهد أحدها، بل وأبرزها وأكثرها أهمية وحيوية، ويفسر ذلك حجم الحركة المرورية وكثافتها عبره، ولكن المُشاهد أن الحركة في هذا الطريق تتسم بالبطء، بل وبالشلل التام أحياناً لدرجة أن الكثيرين ربما يفضّل أن يتجنبه ويستخدم منافذ ومسالك أخرى، ويبدو - في رأيي - أن هذا الطريق لم يُحسن تخطيطه في بادئ الأمر، ولعل هذا ما يفسر بطء الحركة المرورية وربما توقفها تماماً أحياناً بسبب الحوادث التي قد تقع فيه، فهذا الطريق لم تتوفر فيه عناصر التخطيط السليم من حيث تنظيم المخارج والتحكم في المداخل وجعله أكثر رحابة واتساعاً لإحداث مسارات خاصة لسيارات المرور والإسعاف والإطفاء، فنجد أن مثل تلك السيارات تزيد الطين بلة عند لزوم الإفساح لها من قِبل أصحاب المركبات، مما يزيد الوضع إرباكاً وسوءاً وخطورة، وإذا كان هذا الطريق مؤهلاً لبناء المزيد من البنايات العالية والعمارات الشاهقة على جانبيه مع وجود العديد من الإدارات ذات الصلة بمصالح الناس، فلا غرو أن هذا بلا شك سيُضاعف وبشكل متوالٍ من كثافة الحركة المرورية وبطئها ومخاطرها.
البلديات (تغزل ثم تنقض غزلها)
هناك شوارع قامت وتقوم البلديات مشكورة بسفلتتها بأفضل التقنيات الحديثة من جودة الأسفلت وتحديد المسارات إلى جانب الألوان الزاهية التي تحدد جانبي الطريق، ولكن بعد مضي وقت وجيز نفاجأ بمنح رخص من قِبل تلك البلديات لشركات الخدمات لشق حفريات لتمديد (كابلات أو مواسير مياه وأنظمة صرف صحي أو شبكات هواتف) فيتلف الأسفلت ويذهب جمال الشارع ويضيع الجهد ولا يعود مظهر الشارع كما هو قبل الحفريات، والسؤال إذن أين التنسيق بين البلديات وتلك الشركات حتى يمكن تلافي ازدواجيات الجهود والتفريط في الوقت وإهدار المال العام؟.
التقاطعات وعبور المشاة.. (الخطر لا يزال قائماً)
لا يعرف أن لدينا عبوراً آمناً للمشاة طالما أن اللف لليمين مسموح به والإشارة حمراء، إذ إن عبور المشاة يجب أن يحكم وينظم بإشارة خضراء خصوصاً للعابرين المشاة في الاتجاه المقابل لتسمح بالعبور في مسار آمن عند توقف حركة سير العربات بشكل كامل. إن نظام «ساهر» المُطبَّق حديثاً لا يعتبر كافياً لكي يجعل السائق يقدر ويحترم المشاة (الراجلين) أثناء عبورهم وهو يهم باللف لليمين.
تباعد الفتحات في بعض الشوارع.. (إضاعة للوقت وهدر للطاقة)
نرى أن معظم الشوارع الفرعية لدينا والتي لا تتسم بالحركة المرورية المكثفة تمتد فيها الأرصفة دونما فتحات بينية حتى تصل إلى الطرق العامة والرئيسة، وهذا مما يجعل الدوران للخلف أمراً فيه إضاعة للوقت وهدر للطاقة، بل إن الدوران للخلف لا يتأتى إلا عند الطريق الرئيس، حيث تحفه مخاطر الاصطدام بتلك السيارات العابرة، كما قد يكون سبباً لإرباك سير السيارات في الطريق العام وانتظام سرعاتها.. لذا لا بد من توفير فتحات للدوران تكون آمنة وميسرة من جهة، وموفرة للوقت والطاقة من جهة أخرى.
اللاهثون وراء التميُّز.. (ولكن بالأرقام)
لدينا فئة من البشر ما فتئت تتهافت في البحث عن التميُّز ولكن عن طريق اللهث وراء الأرقام في لوحات السيارات أو أرقام الهواتف، إن فئة من الناس هذا طبعها وذاك ديدنها لا يمكن أن تبني عزاً أو تحقق رفعة أو تنال مجداً في أي شأن من شؤون حياتها، حيث تجعل شاغلها الشاغل الحصول على رقم مميز في لوحة سيارة أو هاتف جوال!.. لذا تراهم يدفعون لقاء ذلك أعلى الأسعار وأغلى الأثمان. هل يا ترى ثمة «مركب نقص» تعاني منه تلك الفئة أم هو البحث عن الزهو والخيلاء والتعالي على بقية خلق الله؟.. إنه في الحقيقة خليط بين هذا وذاك.. ربما أن «مرورنا العزيز» وشركات الاتصالات هي التي غرست وكرَّست هذه النزعة في عقول تلك الفئة بأن أوجدوا لها سوقاً (نافقة) يجنون منها أرباحاً طائلة، وبعدئذ.. ألا نعي قول الرب تبارك وتعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} 18 سورة لقمان، وكذلك قوله عز من قائل: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} 37 سورة الأسراء، {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} 38 سورة الإسراء.
العمالة المنزلية.. (بيع وشراء واستغلال)
معظم البيوت لا تخلو من سائق أو خادمة أو كليهما معاً، بل وأضحى الكثير من الأسر لا يستغني عن هذين العنصرين في حياته ولا يعيش بدونهما. إننا في الحقيقة ندفع الكثير من الأموال لقاء تأشيراتهم وتكاليف جلبهم إلى جانب الوقت الطويل في انتظار وصولهم ناهيك عن ما تفرضه دولهم أحياناً من متطلبات واشتراطات مجحفة قد تعيق من سرعة إجراءاتهم أو حتى قد تصل إلى حجبهم وإلغاء استقدامهم.. ولعل ما نشهده في وقتنا الحاضر من الإقبال والتهافت على تلك العمالة وتعقُّد إجراءاتها وطول انتظارها وتفاقم تكاليفها أوجد لها سوقاً رائجة شجعت الكثير من تلك العمالة على الإغراءات والهروب والتستر والإيواء، ومن ثم العمل بطرق غير نظامية ولا مشروعة.. لذا فإن الحل المطلوب هو تدخل وزارة العمل لعلاج هذه الظاهرة المقلقة ووقف الاستقدام عن طريق الأفراد وقصر ذلك على شركات متخصصة ومرخص لها يتم بواسطتها اختيار وجلب وتنظيم والإشراف على تلك العمالة، وبهذا يمكن أن نعالج الكثير من المناحي السلبية لهذه الفئات الوافدة، ونتخلص من هذه السوق الغريبة التي بدأت في التنامي والظهور والانتشار، وحتى يكون بمقدور تلك الشركات أيضاً التأكد من صلاحية وقابلية الأسر المستفيدة من تلك العمالة، وبهذا ينتفي إساءة التعامل ويتلاشى الهروب ومن ثم ينعدم اتخاذهم كالأنعام للبيع والشراء والاستغلال والكسب غير المشروع.
المطبات الصناعية.. (تشويه ومعاناة)
كثرت المطبات الصناعية في كثير من الأحياء والشوارع وبشكل عشوائي لا ينم عن تخطيط أو تنسيق أو مراعاة لمظهر تلك الأحياء والشوارع أو راحة السائقين وسلامة العربات، ومن المعروف أنها توضع عادة من قبل الجهات الرسمية (البلديات) التي قد ترى مسوغاً لوجود تلك المطبات من عدمه، ومثال ذلك قرب المساجد والمدارس وعند التقاطعات عديمة الإشارات، ولكن يبدو أن وضع تلك المطبات العشوائية أضحى قراراً فردياً من قِبل سكان بعض الأحياء يأتي من إفراز تلك السلوكيات الخاطئة التي ينتهجها بعض الشباب - هداهم الله - في ممارسة (لعبة) التفحيط منذ بدء عصر الطفرة وإلى الآن أي على مدى أربعة عقود دون أن أن تخف سورتها وتزول سوءاتها، إذن هل آن لمرورنا العزيز أن يتحفنا بحلول عملية ناجعة، علها تجتث تلك اللعبة القاتلة وبعدئذ نرتاح من تلك المطبات ثم لا نرى لها بعد ذلك أثراً؟.
التخفيضات الوهمية.. (شَرَك يُصطاد به الزبائن)
دأبت بعض متاجر المواد الغذائبة ومعها أسواق الأغذية (السوبر ماركت) أن تعلن عن سلع لديها بأسعار مخفضة الأمر الذي يغري ويجذب الزبائن لها والتسوق منها، ولكن يكتشف بعدئذ أن الأمر لا يعدو كونه مجرد ألعوبة أو حيلة لاصطياد الزبائن ليس إلا، فحينما تدلف إلى المكان لتبحث عن تلك البضائع المخفضة تُفاجأ بأن البضاعة إما أنها قد نفدت أو أن الأسعار لا تصل للسعر المرغوب فيه وبخاصة عند استخدام هذه العبارة المطاطة (تخفيض حتى ...)، وحينئذ يصدق قول الله تبارك وتعالى فيهم وفي أمثالهم: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} (39) سورة النور.