لقد فقد الوطن والعالم العربي والإسلامي رجلاً وهب كل حياته في خدمة وطنه وأمته، مسخراً كل جهده لتقوية الصف العربي والإسلامي، وسعى بكل ما أوتي من حكمة للحفاظ على وحدة الكلمة ونبذ الخلاف والفرقة، فقدنا بوصلة الدبلوماسية صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل - رحمه الله -، فكان سموه رمزاً للأمانة والعمل الدؤوب لتحقيق تطلعات قيادته ووطنه وأمته، فقد عرف في العالم بمواقفه الشجاعة وصولاته وجولاته على مدى خمسة عقود قضاها في خدمة دينه ووطنه وأمته بكل تفان وإخلاص.
فقدنا مهندس السياسة والدبلوماسية السعودية، والقامة الشامخة في مجال الفكر والسياسة، فقد كانت حياته - رحمه الله - مليئة بالعطاء المتواصل والمواقف المشرفة في خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، رجلاً فذاً كرس حياته في خدمة وطنه ودينه ، ودافع عن قضايا أمته في جميع المحافل الدولية، انتقل إلى جوار ربه في الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ، بعد حياة حافلة مليئة بالتفاني والعطاء والعمل المتواصل والمواقف المشرفة».
سيذكر الفقيد كقائد دبلوماسي عظيم، وأحد أبرز الساسة والدبلوماسيين المحنكين على مستوى العالم ، الذي يستشرف آفاق المستقبل بعقلية تعي أبعاد الأمور، وحكمةِ كانت نتاج سنوات عمل دؤوب في أروقة السياسة العالمية، فالحديث عن الفقيد أكبر من أن تستوعبه سطور محدودة كونه رجلاً استثنائياً في دهائه وحنكته السياسية والدبلوماسية وذكائه وفطنته, بل يُعدّ من الرجال القلائل الذين سطر لهم التأريخ مآثر جليلة في جبين الوطن بماء الذهب.
افتقدنا دبلوماسياً بارعاً وسياسياً محنكاً له بصمات واضحة في خارطة السياسة الدولية, مؤكداً أنّ فقد رجل في قامة سموّه فاجعة أليمة وصدمة كبيرة، كيف وهو يضع نصب عينيه دائماً في أقواله وأفعاله مصالح وطنه وأمّته, حيث لم يضيّع لحظة واحدة في حياته إلاّ وسخرها في خدمة الوطن حتى خلال فترة مرضه، لقد كرّس الراحل كامل حياته من أجل وطنه وأمته العربية ودافع عن قضاياها بكل ما أوتي من قوه وبخاصة قضية فلسطين، وكان حريصاً على تحقيق التضامن العربي لدفع الأخطار عن الأمة، وكان يمتلك - رحمه الله - إرادة صلبة وكان يعمل دون توقف رغم المرض، فحرص على الاهتمام بأوضاع الأمة العربية والإسلامية.
إن ما سطّره سموه بفكره وعبقريته وهو على رأس الدبلوماسية السعودية، سيظل خالداً في ذاكرة التاريخ وعقول الأجيال السابقة والقادمة، وسيكون منهجاً يدرسه كل من يعمل في السلك الدبلوماسي.
ولقد صنع للدبلوماسية منهجاً متميزاً، وكان - رحمه الله - نموذجاً فريداً يستحق أن يدرس بعناية لتستفيد منه الأجيال كنموذج للإخلاص والعمل الدؤوب، تغمّده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وجزاه خير الجزاء عما قدمه لدينه ووطنه.
- أ. د. بلقيس بنت إسماعيل داغستاني