وداعاً حكيم السياسة ">
أغمدَ السيف واستدارَ الهمامُ
واستراحت من العلا الأقدامُ
لم يغادر حتى أتـَمَّ بناءً..
واطمأنّ.. فؤادُه المقدامُ
وطوى المجد للبطولة فصلاً
كل سطرٍ به يطول المقامُ
حين ألقى الديوانُ عنهُ وداعاً
نُكّست بالمفاخرِ الأعلامُ
خبرٌ هزّ في العواصم ركناً
ومصابٌ دوّى به الإعلامُ
رحلَ الفارسُ النبيلُ وأبقى
صفحاتٍ تزهو بها الأقلامُ
قمرٌ غاب عن سماء المعالي
قمرٌ غاب لا يليه الظلامُ
زعماءٌ بالغرب فيه أشادوا
وملوكٌ بالشرق للخطب قاموا
يا حكيماً سبرتَ برّ الأمانِ
والمسافاتُ.. كلها ألغامُ
نصف قرنٍ حملت فيه لواءً
ثاقبَ الرأي والخطوبُ احتدامُ
نصف قرنٍ وفي يديك القضايا
لا يمسّ اللهيبَ منها اضطرامُ
حنكةٌ فطنةٌ وفكرٌ رصين ٌ
نظراتٌ من الجلالِ سهامُ
لغة تدمغُ الحشودَ بياناً..
تتهاوى من صدقهِ الأصنامُ
أنت أسّستَ بالسياسة نهجاً
كم تمنّى تدريسهُ الحكّامُ
كلما ضجّت المحافلُ حيرى
هادئاً جئتَ والحديث حسامُ
كلما لاح في الدروب شتاتٌ
من رؤاك تشكّل الإلهامُ
كلما حلّ في بني العُرْبِ جرحٌ
استقرت في روحك الآلامُ
ومضيت تجول شرقاً وغرباً
ليعودَ إلى الشعوبِ الوئامُ
وبلبنانَ قد حقنت دماءً
وكويت تروي عُلاكَ وشامُ
وحسمتَ الصعاب دون ضجيج
بانسيابٍ.. يهابهُ الاصطدامُ
ثابتٌ في مواقف العزم لما
قد توالى بأمتي الانفصامُ
راسخٌ في مبادئ لا تنال
وحدة الصف عندها انقسامُ
صارمٌ في لطافةٍ لا تضاهى
هيبةٌ ينتهي لديها الخصامُ
المطاراتُ من خطاكَ ربيعٌ
والخطاباتُ من صداكَ غمامُ
التقارير عن عطاءكَ خجلى
تاه فيها التوثيق والأرقامُ
(وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسامُ)
كنت فينا شعورَ دفءٍ وأمنٍ..
كل شيء يمضي على ما يرامُ
ورحلتَ تركت فينا فراغاً
يقفُ الحزن بينه والكلامُ
يا فريداً سكنت كل القلوبِ
ما على دمعنا يطولُ.. ملامُ
قمم العُرْبِ دون اسمكَ ثكلى
والسفاراتُ.. كلها أيتامُ
ولمثل سعود أو نصفهُ قد
عجزتْ أن تنجبَ الأرحامُ
التحايا إليك من كل أرضٍ
وعليك يلقي السلامَ السلامُ
كيف خضتَ الحروب ثم رحلتَ
ببياضٍ.. كأنهُ الإحرامُ
كنتُ أرجو لقاكَ لكن تناءتْ
بي المقادير والأماني زحامُ
طبتَ طول الحياة رمز عطاءٍ
طاب بالعشر يا حبيبي الختامُ
دعواتٌ مدى الحياة ستبقى
طاب في جنة الكريم المقامُ
- شعر/ سعود الحمد