مندل عبدالله القباع ">
الأسرة نواة وحجر الزاوية للمجتمع والفرد يولد وينزل من بطن أمه لا يعرف شيئاً سوى صوت أمه وريحها التي تغذيه من ثديها أو عن طريق (الحليب الصناعي) حتى يكبر ويبدأ يتناول الطعام، وهكذا يعيش حياته (البلوجية) والعضوية ولكنه يتلقى ويرضع من الوسط الأسري الذي يعيش فيه من حيث تربيته وقيم الأسرة وعاداتها وتقاليدها ويصبح بمثابة الاسفنجة يمتص كل ما يسمع ويقال ويقلد ويحاكي كل حركة وسلوك وينشأ ويشب على كل ما يتلقاه في هذا الوسط الأسري فإذا كان في هذا الوسط الأسرة نشأته تنشئة إسلامية صحيحة في القول والعمل والتربية دون تطرف أو غلو نشأ في تربية معتدلة ووسطية أو العكس صحيح كما هو الحال في السابق قبل (30) سنة أو أقل أو أكثر لم نكن نعرف تطرفا أو غلوا أو إرهابا لأننا عشنا في وسط أسري معتدل لا تشدد فيه ولا إفراط فيه أو تفريط كل أفراد الأسرة على هذا المنوال الأب والأم والإخوان والأخوات والجيرة والمجتمع (ولو أن آباءنا وأمهاتنا أميين لا يقرأون ولا يكتبون إلا القلة منهم) لكنهم ليسوا أميين فيما قال الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في التربية والتعامل وحسن المعاملة والخلق لأنهم يطبقون قول الله سبحانه وتعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} كانوا يمارسون الوسطية في عبادتهم وفي تعاملهم وفي مأكلهم ومشربهم فكان أفراد الأسرة والمجتمع متحابين ومتعاونين ويصحح بعضهم بعضاً فيما يرونه من زلات أو سلوك شاذ أو مشين وهذا أيضاً ينطبق على المجتمع الثاني بعد مجتمع الأسرة وهو المجتمع المدرسي الذي كان وسطه يتسم بالاستقرار والهدوء والتربية الحسنة وعدم الغلو أو التطرف والاحترام المتبادل بين المعلمين والطلاب بمعنى أن المجتمع المدرسي امتداد لقيم وعادات وتقاليد الأسرة الصحيحة، فلم يكن هناك خلل أو فجوة يستغلها بعض المعلمين أو المربين في تغيير أفكار بعض الطلاب وخاصة في المرحلة المتوسطة والثانوية فأدمغة بعض هؤلاء الطلاب طرية ورخوة يسهل التأثير عليها وشحنها بالأفكار المضادة للأسرة وأفراد المجتمع ومؤسساته المدنية والعسكرية والجهاد المضاد وأنواعه والدفاع عن الإسلام والمسلمين وقتال الكفار والمؤتمنين فتصبح بعض الأوساط المدرسية مصدر تفريخ للتطرف والإرهاب والغلو فيتنكر هؤلاء لأسرهم وأفراد مجتمعهم ومحاربتهم ومما يزيد من ذلكن هناك جماعات أخرى غير جماعة بعض المدارس تتلقفهم في الداخل والخارج مثل جماعة (داعش أو النصرة أو القاعدة في باكستان وافغانستان أو الحوثيين في اليمن أو حزب الشيطان في لبنان وغيرهم).
لذا فواجب الأسرة أن تلاحظ وتلاحق أبناءها الذين تلاحظ عليهم بعض التغيرات في الأفكار أو السلوك الشاذ المضاد للأسرة والمجتمع وأن لا تترك الحبل على الغارب بحيث يسرح الفرد ويمرح ويصول ويجول ويتغيب لفترات طويلة قد تمتد لأشهر دون علمها ودون التبليغ عن هذا الغياب، كما حصل لبعض من قاموا بأعمال إرهابية وتفجيرات. وكذلك نلاحظ من ينطوي على نفسه وينعزل عن أفراد الأسرة في غرفته الخاصة والتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك ملاحظة أيضاً أقرانه ورفاقه الذين يأنس إليهم ويأنسون إليه (قبل أن يقع الفأس في الرأس) عندها (لا ينفع الندم أو التمني) أما بالنسبة (للخدمة الاجتماعية المدرسية) فهي أيضاً وقاية وعلاج لبعض السلوك العدواني والشاذ الذي قد ينتج عنه تطرف وإرهاب، وكما هو معلوم أن الوسط المدرسي من الطلاب والمعلمين لهم ثقافات مختلفة وعادات وتقاليد قد لا تكون مطابقة لهذا الوسط والبعض منهم يحمل تجارب اجتماعية من خلال تنشئته في الأسرة فيحتك بعض الطلاب ببعضهم بعضا، وقد ينتج عن هذا الاحتكاك سلوك عدواني من ضرب أو طعن أو تطرف في الكلام أو نعرة أو عنصرية فلابد من معالجة هذا الموقف قبل أن يستفحل ويكبر ويحمله بعض الطلاب في أنفسهم (في منطقة اللاوعي) ويخرجه في الوقت المناسب عندما يراه مناسباً سواء ضد أفراد المدرسة من طلاب أو معلمين أو ضد الأسرة أو ضد المجتمع فهو في هذه الحالة يكون حاقدا على المجتمع وأفراده ويريد أن ينتقم لنفسه كذلك قد يصدر من بعض الطلاب سلوك وأفكار متطرفة وعدوانية لذا تجده منطويا على نفسه ومغلفها ولا يعرف ما بداخله من هذا الانطواء ويبعد عن زملائه الطلاب وينزوي في أركان المدرسة فلا بد من (تطبيق مبادئ الخدمة الاجتماعية المدرسية) عن طريق الاخصائي الاجتماعي لمعرفة ما أشرنا إليه من سلوك عدواني وشاذ وأفكار متطرفة حتى نصل إلى أسباب هذا السلوك العدواني والنفسي وكما يقول (علماء النفس والتربية) أن كل سلوك له دافع يدفعه ويحركه عن طريق (الدماغ) وخلاياه التي تقدر بحوالي (50) ألف مليون خلية آنية ووقتية أو عن طريق العقل الباطني الذي يخزن فيه بعض المواقف التي تدفع الإنسان للقيام بهذا السلوك في الوقت المناسب له، لذا نكرر ونطالب أن يكون في كل مدرسة وخاصة المرحلة المتوسطة والثانوية إخصائي اجتماعي لمعالجة هذه المواقف قبل أن تتحول وتكون متطرفة وإرهابية لأنه يعتبر هو (الطبيب الاجتماعي المختص) والذي درسالعلوم الاجتماعية (خدمة الفرد والجماعة والمجتمع وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الإجرام) الذي يقوم بتشخيص المشكلة وعلاجها ونضمن إن شاء الله القضاء على السلوك العدواني والأفكار المتطرفة التي تؤدي إلى الإرهاب.
أما المرشد الاجتماعي في المدارس مع احترامي له ليس مؤهلا لعلاج مثل هذه المشاكل لأنه غير متخصص في العلوم الاجتماعية كما أشرنا وأخيراً لا ننسى جهود رجال الأمن على مختلف مستوياتهم وقطاعاتهم على الجهود التي بذلوها في القبض على (431) متهماً قبل تنفيذ مخططاتهم الإجرامية والإرهابية التي خططوا لها مع تنظيم داعش عدو الإسلام والدين والقيم والأخلاق الإنسانية.