د. زيد بن محمد الرماني ">
جاء في كتاب (فن الزواج) قول محمد عبدالعزيز الصدر: إن الكثيرات من النسوة لا يخلصن لأولادهن، ولا يخلصن لأزواجهن، ولأوطانهن: ولترى فريقاً من هذه النسوة أيضاً ينفقن عن سعة على رجال لا يصح أن يكون بينهم وبينهن علاقة ما، ويفضلنهم على أزواجهن.
ولقد تحكمت المادة الآن في خلق فتاة اليوم، إلا ما رحم ربي، فأصبحت تسعى في الحصول عليها، غير آبهة بالشرف، وغير مهتمة بالسمعة، يطيب لها أن تتعرف بالكثير من الرجال، ويطيب لها أن تفتخر بهذا التعرف: لأن الطمع قد ملأ قلبها، فهي تطلب المال للحاجة التي تطلب الغنية من أجلها المال. هي تريد أن تلبس أفخر الثياب.
أنصح الفتاة ما شئت أن تنصحها فإنها لا تكاد تسمع كلامك، حتى تقهقه، وتسخر، إنها لم تصبح تفكر في العفة، ولا تقدرها، لم تعد فتاة اليوم تفكر في أن يكون لها بيت تأوى إليه، وتسيطر على من فيه كما كانت أمها تفعل، وكما كانت جدتها، ولم تعد هي أيضاً تفكر أن تكون أما يوماً ما.
وقد استطاع الأطباء، والصيدليون، للأسف، أن يقضوا على الأجنة قبل أن تخلق في بطون أمهاتها.
اقصد الشوارع والأسواق واقصد الفنادق وأماكن المناسبات، تجد بعض الفتيات هناك، وقد لبسن أفخر، وأهتك، ما تلبسه بنات الهوى، وزججن حواجبهن، وبيضن وجوههن، وحمرن خدودهن، وكحلن عيونهن، وهن يصحبن رجالاً، أو يقمن معهم، ولم تعد الفتاة تستحي من أن تقيم مع رجل لا يربطها به رباط شرعي، وأصبحت تفر من أهلها، أو تخرج من بيت أبيها تحت نظره، وأصبحت تعود إليه غير حاسبة لأهلها حساباً بل هم يعلمون، ويسمحون لها أن تبيت عند صديقة لها، بينما صديقتها هاته تدعي أنها ستمضي ليلتها عندها!! فتنفق ليلتها في هناءة! وسرور!
هذه هي الحال التي نالها الاجتماع اليوم، وإنها لمهلكة ولا شك، فحسن جداً أن نفكر في الأمر، وأن نسعى في الخلاص منه.
سل الناس أجمعين عما أصاب الطفولة من سوء، يخبرك الناس أن الجريمة جريمة الأم: لأنها مهملة كل الإهمال. بل سيقول الناس: إن الأم نفسها قد انحطت كثيراً جداً، وأن هذا الانحطاط قد جر معه الأطفال المساكين. فإذا افتقر الاجتماع إلى الأخلاق فقد حاق به الهلاك ولا شك. وفقد القوى الفعالة في الرقي ومرضت الحياة كلها مرضاً قل أن نجد له دواء.
إن روح هذا العصر، روح هادمة. إن بقيت تنفث فإنها ولا شك ستقضى على هذا الاجتماع.
كانت الحياة الاجتماعية الحالية، وما أصابته المرأة من تهتك وخلاعة، بل قل ودعارة، سبباً مباشراً في القضاء على الزواج، أو شبه القضاء عليه، إذ أصبحت المرأة سلعة، لا تكلف الناس مجهوداً ما في الحصول عليها. وكانت حالتها هذه سبباً آخر في الريبة منها.
لهذا كله لم يخطئ الناس في إهمال الزواج.