د. زيد بن محمد الرماني ">
أخطر سنى حياة المرأة، هي السنون الواقعة بين الأربعين والخمسين من عمرها، ففيها تبدأ زهرة حياتها بالذبول، فإذا نظرت في المرآة آلمها تجعد وجهها، وهنا تتحسركل الحسرة على نفسها، وتتحرك في قلبها عوامل الحب، فترى عينها تحمل القلق والريبة.
هناك وفي هذا العهد يختل التوازن العقلي للمرأة، وتبدأ تضطرب، وهناك أيضاً يكون حب زوجها كامناً بعض الكمون، وقد شغلته شؤون كثيرة من شؤون الحياة، وفي بحر هذا الاضطراب اللجي، تبحث المرأة عمن يستطيع أن يبادلها الحب، وقد تقع على رجل أصغر منها بكثير.
لذا، على الزوج أن يكون صبوراً، يعطف على زوجته كثيراً في هذا العهد الذي يعتبر كأزمة في سني حياة المرأة، وليست هذه الأزمة جسمية ولكنها نفسية بحتة، فيجب العناية بها والاحتياط لها، والعمل على إحياء عواطفها، وتداركها. هذه نصيحة، أدلي بها إليكم معشر الرجال، وأما المرأة فيجب أن تعنى بنفسها كل العناية، وهي في حاجة إلى راحة وطمأنينة، وسكون، فلا تتعب كثيراً ولا تزيد نفسها اضطراباً.
ولنعلم أن حياة الجماعات، إنما تقوم عامتها في ظل المرأة، فإذا كانت العكس انحطت إلى الدرك الأسفل، وهذا أدعى إلى النظر في تحسين مركز المرأة، وإعلاء مكانتها.
فالتأثيرات الأولى التي نتلقاها لأول عهدنا بالحياة، تبعثها إلينا أمهاتنا، ومعلماتنا، وترى جمال المرأة وحبها، هما دون غيرهما العاملان القويان في تنشيط جنس الرجال، ودفعهم إلى اكتساب المعارك الحيوية. وهكذا ترى الرجال يبذلون الجهد حتى يحصلوا على ابتسامة تعلو شفتي فتياتهم. فالرجل إذن: إنما تصنعه المرأة، وتكيفه بما شاءت. وليس ثمة من حد لتأثير المرأة على الجماعات الإنسانية.
يتفاءل الناس خيراً بالمستقبل، ويقولون فيما يقولونه: إن الطلاق سينعدم أو يكاد، إذ ينشأ العلم الخاص بالرجل والمرأة، فيفيد الحياة نفسها، ويتعلم الناس الحب ونفسيته، وأطواره وتفاعيله فيقيمون له وزناً، ويتعرفون فيه قوام الحياة. إن بعض النظريات القائمة اليوم، الخاصة بالعواطف، والأحاسيس، إنما ترتكز على قواعد خاصة وعلم قائم بنفسه في المستقبل.
وسيضع هؤلاء العلماء، غرائز الرجل والمرأة في ميدان النقد والبحث الدقيق، ويقيمون لها حدوداً، ويضعون لها أصولاً، كما هم يفعلون مع العلوم القائمة الآن في ميدان الحياة.
وبهذا دون غيره يحيون الحب، ويعودون به إلى ميدان الحياة نفسها، لأنه اليوم غيره بالأمس، والحياة تفتقر إليه وتوده لإصلاح حالها، وتقويم أودها.