وفاء بنت ناصر العجمي ">
الروتين بلا شك من الآفات التي أصابت مجتمعاتنا العربية، وعطلتها عن مسيرة النهوض والتقدم وروح العصر الذي تلهث فيه المجتمعات نحو التجديد، ونحو تبني الجديد من الأفكار والمخترعات، وإذا كان الروتين ينشأ عندما يتمسك الجيل القديم بأفكاره ونظمه الإدارية، ولوائحه الوظيفية، والحفاظ عليها في حالة من الجمود، فهناك جيل جديد راغب في كسر الجمود داخل المؤسسة بأفكار جديدة وروح تطوير وتطوّر جديدين ملائمين للعصر الحالي.
إن التشبث بالأفكار التقليدية وبالأنماط الجامدة للإدارة، وباللوائح الشكلية للعمل، دافع إلى التراجع، وربما الانهيار داخل الشركات والمؤسسات، لكن المؤسسات القادرة على العمل بروح العصر، والقادرة على التغيير، وإعادة صياغة خططها وأهدافها، التي تترك لموظفيها مساحة من التحرك والإبداع في إطار نفس الأهداف الموضوعة مسبقًا، فالمؤسسة أو الشركة التي تقف أمام رياح التغيير والتطوير ستندثر أو ستقتلعها رياح التغيير.
لقد عشنا عصرًا يفاخر فيه المدير أو الرئيس في مؤسسة ما، بأنه يقود جيشًا من المرؤوسين لا يمكنهم التصرف من دون قراراته أو إشارته ومشورته، وكثراً ما ترددت على أسماعنا جملة «بناء على توجيهات المدير...»، فإذا كانت هذه هي الحال في المستويات الإدارية العليا، فما بالنا بالمستويات الإدارية الدنيا؟
ألا يستدعي ذلك تطوير الثقافة الإدارية، وإطلاق حرية الإبداع وترقية المتمّيزين؟!
فالسلبيات التي يصنعها الروتين داخل مؤسساتنا كثيرة ترتبط بالفرد والإدارة، أما ما يرتبط بالفرد فيتمثل في الهروب الدائم من المسؤولية وتحمّلها، والتمسك بالإجراءات واللوائح الرسمية العقيمة، وبحرفية القوانين، وبالتالي جمود وعدم مرونة الأداء، كما أن الشخص الروتيني ليس لديه الرغبة في تفويض السلطة، ويميل إلى المركزية في أداء الأعمال والواجبات، وهو متطرف في مركزية الأداء مما يؤدي إلى صعوبة اتخاذ القرار، من دون الرجوع إلى رئيسه المباشر في كل صغيرة وكبيرة ونتيجة عدم رغبته في تحمل المسؤولية، كما أنه -الشخص الروتيني- ليس لديه رغبة في تطوير أسلوب العمل مما يجعله نمطي الأداء يتصف بالتكرار والملل والبطء في التنفيذ، وتجنب الابتكار، والتقيد بأسلوب أداء ثابت.