خليل الشريف ">
* هل النجاح هو الحصول على مرتب ضخم أو تحقيق تجارة ضخمة أو الحصول على مركز وظيفي مرموق؟
* هل النجاح هو تحقيق الأهداف التي تسعد صاحبها سواء النجاح في مهنة أو التفوق في دراسة أو الشهرة والجاه..؟
* هل صحيح أن مفردة النجاح تقتصر على الحصول والفوز والأخذ وتحقيق الذات؟
* هذه المرادفات التي لطالما اقترنت بمفهوم النجاح بقصد أو دون قصد بوعي أو دون وعي صبغت النجاح بصبغة الفردانية المنتمية للفكر الرأس مالي الذي يفرض نموذجه على العالم اليوم.
* ساهمت الدورات التي تهتم بتطوير الذات بانتشار مفهوم النجاح على هذا النحو باعتبار أن غالبية مراجع هذه الدورات مراجع غربية تتبنى الفكر الرأس مالي التنافسي.. يمكن أن تكون كذا ويجب أن تطلق طاقاتك وقدراتك لتحقق كذا وكذا..
* النجاح في المفهوم الإسلامي الإنساني الحقيقي يتفرع إلى فرعين نجاح دنيوي ونجاح أخروي فنجاح الآخرة هو النجاة من النار والفوز بالجنة ((وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)).
* النجاح الدنيوي حقيقته وحكمته وأبرز ملامحه تظهر ليس في الأخذ أو الحصول أو تحقيق المكاسب.. النجاح الحقيقي هو العطاء في كل صوره وتجلياته، حيث يكون الكسب المادي من أجل العطاء، وتحقيق الشهادات الدراسية العليا من أجل نشر العلم والفائدة للناس، والسعي للمنصب لخدمة الناس والشهرة والجاه لدعوة الناس للخير والسعي فيما ينفعهم.
* إن صاحب الملايين ورؤوس الأموال الضخمة الذي لا ينفق ويبخل ويشح في عطائه للناس ليس إلا شخصا فاشلا بكل ما تعنيه كلمة الفشل من معنى، وقس على ذلك صاحب الشهادات العليا الذي لم ينشر علما ولم يؤلف كتبا ولم يقدم شيئا لمجتمعه، وأيضا ذلك الذي أوتي الجاه والمكانة الرفيعة ولم تقض على يديه شفاعة ولا حاجة من حوائج الناس.
* بقدر ما تكون مفيدا للآخرين تكون ناجحا هذا التعريف المبسط للنجاح كلما اتسعت دائرة فائدتك وتأثيرك في حياة من حولك ومجتمعك فأنت تترقى سلم النجاح درجة درجة.
* في هذا الخصوص علينا أن نتذكر أناسا كثر ينطبق عليهم هذا المفهوم سواء كانوا من المجتمعات الإسلامية أو غير الإسلامية.
* نبدأ بخاتم الرسل صلى الله عليه وسلم الذي أفنى عمره وجسده لنشر رسالة الإسلام التي أعزت البشرية وأخرجتهم من الظلمات إلى النور، ومن عبادة المخلوقات إلى عبادة الخالق، وتخرج على يديه صفوة البشرية ممن فتحوا الأمصار وكانوا رسل سلام، حتى هذه اللحظة لا يزال عطاؤهم فيما زرعوه في تلك البلدان من وصايا الدين وشرائعه وقيمه العظيمة.
* هناك أناس خدموا البشرية خدمات عظيمة لكنهم لم يحققوا مكاسب مادية ولم يجمعوا أموالا طائلة وربما لا نعرف أسماءهم أو جنسياتهم فالذين اخترعوا الالكترونيات وشبكات الطرق ووسائل المواصلات والاتصالات وقضوا الليالي الطوال حتى تصبح حياة الناس أكثر رخاء وأمنا ورفاهية من مهندسين وأطباء ومعلمين كان لهم دور في نشر الخير ونفع الناس جيلا بعد جيل.
* إن الإنسان الذي يعول أسرته ويساهم في رعاية والديه ويكرم ضيفه ويحسن لجاره ويؤدي أمانته في عمله بكل ما يملك من إمكانيات ويسعى للخير أينما كان ويعين المحتاج هو المثال الصريح للنجاح وإن كان مغمورا بسيطا لا ذكر له في الأرض.
* في النهاية.. النجاح هو النفع المتعدي للآخرين.. هو العطاء بكل ما تعنيه كلمة العطاء من معنى.
- جدة