عبدالله بن عبدالعزيز الخليفة ">
معالي الدكتور منصور بن ناصر الحواسي، منذ أن قرر الدخول في دراسة الطب وهو يعلم أن هذا التخصص المتعب المرهق سوف يدخل مجالا لا يقف عند حد معين من التعليم، نظراً لأن الطب يتجدد في كل لحظة ويحتاج إلى إعادة القراءة مرة ومرة ومرات لا لشيء إلا ليقدمه لكل من يراجعه.. فقد قبل التحدي وشمَّر عن ساعديه ودخل هذا المعترك المعقد ونظرات الأمل في المستقبل لا تقف عن تحقيق أمنية خاصة بل كان يبحث عن النفع العام... كان تخصصه في طب الأطفال وهذا التخصص يتحتم على حامله التعامل مع الأمهات أكثر من الآباء لكي يشخص حالة الطفل، والطريف في الأمر أن معظم شباب اليوم تلقوا علاجهم بشكل مباشر أو غير مباشر من الدكتور منصور الحواسي، إضافة إلى مهاراته الطبية وإخلاصه وتفانيه في عمله إبان عمله طبيباً بمستشفى السليمانية للأطفال بالرياض.
فقد كان يتمتع بأخلاق عالية وروح طيبة وتعامل راق جداً مع جميع من يراجعه، كذلك تمتعه بالحس الإداري الذي لا يقل عن إبداعه الطبي مما أهله لتولي منصب مدير مستشفى السليمانية للأطفال بالرياض في خلال سنوات، ومع ذلك لم يترك عمله الإنساني كطبيب بل خصص وقتاً للعيادة ووقتاً للعمل الإداري على الرغم من استطاعته التفرغ لإدارة المستشفى، ولكنه الإخلاص والتفاني في العمل وإحساسه بالمسؤولية أمام الله عز وجل أصر إلا أن يقدم جل وقته خدمة للمرضى ولطاقم المستشفى الطبي والإداري فكان محل الاحترام والتقدير من الجميع.
فذاع صيته وعرفه كل من يراجع المستشفى لأنه متواجد بروحه الطيبة وقربه من جميع العاملين بجميع مستوياتهم الوظيفية. وهذا الإخلاص في العمل لمسه المسؤولون في وزارة الصحة فتم تعيينه وكيلا لوزارة الصحة للطب العلاجي لمدة من الزمن حتى تم تعيينه وكيلاً لوزارة الصحة للشؤون التنفيذية وأبدع كعادته وعم التطوير جميع الإدارات التي تحت مسؤوليته وما هي إلا فترة وجيزة حتى تم تعيينه بأمر سام نائباً لوزير الصحة بمرتبة معالي، فكبرت مسؤوليته وأحس أن المواطن بحاجته وأنه مسؤول عنه أمام الله ثم ولاة الأمر الذين وضعوا ثقتهم فيه في هذا المنصب المهم الذي يلامس احتياجات المواطن والمقيم بشكل مباشر، لذا فقد شد المأزر وبذل وقته الخاص وضاعف الجهد لكي يثبت أنه أهل للمسؤولية، وبالثقة الغالية والعزيزة التي أنيطت به فكان نعم المسؤول الحريص على تذليل العقبات للجميع بكل حيادية وإنصاف وعدل، ولم يكن في يوم من الأيام ينهي معاملة أو يوافق على موضوع لشخص دون آخر، وهذا الذي قد لا يعجب الأقربين والأصحاب، ولكن هذه أخلاقه، وهذا معدنه فالكل عنده ومن وجهة نظره سواسية، ويكفيه في ذلك دعوة في ظهر الغيب من إنسان انقطع به الأمل فوجد من يعينه ويقف بجانبه بعد الله.
وتمر الأيام ويترجل، سيتذكرك كل من تعامل معك عن قرب أو لمس إبداعك الطبي والإداري، والأهم من ذلك أنهم سيذكرونك بالخير ويدعون لك، وهذا هو المكسب الحقيقي فدوام الحال من المحال، وكلنا راحلون عن مواقعنا العملية شئنا أم أبينا ولن يبقى إلا ما أدينا والسمعة التي تركناها بين ظهراني مكاتبنا وزملائنا في العمل، وكل من تعامل معنا بأي شكل من الأشكال، والله نسأل أن نكون ممن يذكرون بالخير دوماً...من الأعماق شكرًا جزيلاً دكتور منصور بن ناصر الحواسي على كل ما بذلته من أجل وطنك والمواطنين من خلال عملك في مجال الصحة، وفقك الله حيثما كنت.