دحام عائض العنزي ">
قد يظن بعض منا أن في الابتسامة «وخصوصاً للغرباء» عدم اكتمال للهيبة وأنها لا تخلو من خدش الصورة والحضور للشخص وأن فيها تقليلا لما ينبغي أن يكون عليه من جدية وصرامة. فكلما كنت كثير التبسم، كنت أكثر ميلاً للّين والهزل لكن إذا تلاشت أو اختفت منك الابتسامة وأصبحت بملامح أكثر حدة وشدة أصبحت أكثر رزانة ورصانة. وهذا التصور أو الاعتقاد فيه الكثير من اللبس وعدم الدقة ويخالف ما أتى به الدين الحنيف وما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم. روي أن جرير بن عبدالله البجلي- رضي الله عنه- أنه قال «ما حجبني رسول الله منذ أسلمت وما رآني إلا تبسم في وجهي»، رواه البخاري. الشخص المتبسم وصاحب الروح الجميلة عادة ما ينجذب إليه الناس لأن الابتسامة الدائمة مؤشر من مؤشرات الصفاء النفسي ونقاء السريرة «وبالطبع هذا ليس في كل الأحوال». هي مع بساطة فعلها أوحتى افتعالها إلا أنها تصعب على بعضهم إما لاعتبارات شخصية أو لأسباب نفسية كالكآبة أو الاختلال الطبيعي أو غير الطبيعي في المزاجية لكن في كل الأحوال يكون لها تأثير صحي ومعنوي بالغ وفعال على صاحب الابتسامة ومن حوله أو من معه، فهي تعمل كالمهدئ في حالات الانفعال والانزعاج، إيحاءاتها دائماً إيجابية حتى لو كانت متكلّفة. «غالباً» ما تبث المشاعر والأحاسيس المطمئنة والتفاؤلية في المناسبات واللقاءات وتساهم في رسم الانطباع الأولي بشكل جميل، وتساعد أيضا على تقبل أو تقريب وجهات النظر في الاختلافات في الحوارات والمناظرات وتهدئة الوتيرة في حالات التنازع والخصومة. بالإضافة إلى أن لها دوراً هاماً في مجال النصح والدعوة، فإذا ترافقت مع الأسلوب المناسب للدعوة أو إلقاء النصيحة فهي كفيلة بتسهيل المهمة وتحقيق الغاية بعكس التجهّم والعبوس والتشدد الذي يكون مدعاة للنفور وعدم التقبّل والانصياع. هي أيضا إحدى العلامات البارزة التي غالباً ما تعكس تفاؤل الشخص وإيجابيته وحسن خلقه بل وذكائه أيضا في بعض الأحيان، لأن فيها كسبا وتوسيعا لدوائر الصداقات والعلاقات الاجتماعية. فلماذا لا نجعل منها صفة ملازمة لنا حتى وإن صعُبت في بعض الأحيان. ولشاعر التفاؤل المعروف إيليا أبو ماضي أبيات جميلة في الابتسامة، منها:
قال السماء كئيبة وتجهما.....
قلت ابتسم يكفي التجهم في السما
قال العدى حولي علت صيحاتهم.....
أأُسرّ والأعداء حولي في الحمى؟
قلت ابتسم لم يطلبوك بذمهم.....
لو لم تكن منهم أجلّ وأعظما
قال الليالي جرّعتني علقماً.....
قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنّماً....
طرح الكآبة جانباً وترنّما