عبدالله الصالح الرشيد ">
الناس معادن والمعدن الأصيل والثمين يتمثل في أصحاب المبادئ والمثل العليا ورموز التضحية، وفي حياتنا من هؤلاء أسماء لا تنسى وفي بلادنا الطاهرة مهد الرجولة والبطولة وموئل الشيم والقيم أمثلة بارزة تعطي القدوة الحسنة في عملها وترفع الرأس عالياً في سيرتها وسمعتها، يأتي في مقدمة هؤلاء وعلى رأسهم تلك الفئة المتميزة التي تحمل شرف مسمى - أصدقاء المرضى - هؤلاء الأصدقاء الذين يؤدون عن سخاء وطيب نفس خدمات إنسانية جُلي لإخوة لهم في مجتمعنا الكبير هم في أمس الحاجة إلى المساعدة والمساندة التي تخفف عنهم معاناتهم وتنسيهم ما يلاقونه من آلام وهموم، وأصدقاء المرضى يجمعهم الشعور الإنساني المشترك وتختلف مساهمتهم كل في حدود طاقته وقدرته ويتشكلون غالباً من العناصر المثالية الحية التالية:
1 - في مقدمة أصدقاء المرضى من يتبرع بأعضاء من يتوفى له دماغياً من أفراد أسرته ليسهم بعمله الإنساني النبيل بإنقاذ حياة مريض هو في أمس الحاجة لزراعة أحد هذه الأعضاء مثل القلب والكبد والرئة والكلية والقرنية وغيرها.
2 - من أصدقاء المرضى المتميزين بعملهم المثالي هؤلاء الناس الذين يقومون عن سماحة وطيب نفس بتعبئة بطاقة عضوية التبرع بأعضائهم في حال الحاجة إليها بعد وفاتهم.
3 - هناك الذين يتبرعون بدمائهم عدة مرات في حياتهم ليسهموا بتوفيق الله في إنقاذ حياة إخوة لهم بحاجة إلى الدم، وقد يحتاج المتبرع نفسه أو أحد أقاربه في يوم ما إلى ذلك.
4 - الذين يتبرعون للمستشفيات والمراكز الصحية ببعض الأجهزة الطبية المتطورة المختلفة لتكون عوناً واحتياطاً ضرورياً للأجهزة الموجودة فيها وبخاصة أجهزة أمراض القلب وغسيل الكلى وأدويتها ووسائل الراحة للمعوقين.
5 - الجنود الساهرون الذين يرعون المستشفيات والمراكز الصحية ويحيطونها بالعناية والمتابعة والاهتمام ويغدقون عليها بسخاء يندر نظيره في العالم من أجل أن تؤدي عملها على الوجه المطلوب وتحقق الغاية المنشودة من وجودها، ويأتي في مقدمة هؤلاء الجنود المخلصون ولاة الأمر وفقهم الله وأدامهم.
6 - الذين يتبرعون عن سماحة وطيب نفس للمعوزين من المرضى أو يتفقدون احتياج عوائلهم والتخفيف عنهم وبخاصة من ابتلي عائله بمرض شبه مزمن أو مستفحل مثل أمراض القلب أو الفشل الكلوي أو إعاقة دائمة، وهنا يتجلى التكافل والتعاون المنشود في أزهى صوره وأعمق معانيه وكما يحث عليه ديننا الحنيف.
7 - طلبة وطالبات بعض المدارس والمعاهد والكليات ممن يقومون في المناسبات وبتوجيه وصحبة بعض معلميهم بزيارات المستشفيات وتوزيع باقات الورود والهدايا الرمزية على المرضى رغم أن الواجب يطلب تكثيف هذه الزيارات وعدم ربطها بمناسبات متباعدة، واعتبار ذلك من النشاط المدرسي والاجتماعي في المدارس وحتى يكون الطلبة والطالبات قد شبوا على فهم وتقدير هذا الواجبات الإنسانية.
8 - الكوادر العاملة في المستشفيات والمستوصفات الحكومية والأهلية من أطباء وفنيين وإداريين مخلصين وبالأخص الفئة التي لا تعتبر عملها مجرد عمل روتيني رتيب فقط وتلمس بنفسها معاناة المرضى وحاجتهم الماسة إلى العناية والرعاية منهم والتواصل معهم.
9 - الجيران الذين يراعون واجبات الجوار ويتعهدون المريض من جيرانهم بتكرار ومناوبة الزيارة له سواء كان في المستشفى أو في منزله لما تتركه هذه الزيارة من أثر جميل وفعال في نفسه وتشعره بإحساسهم النبيل نحوه، وبالتالي تؤثر في معنويته مما يجعلنا نطالب بالمزيد من هذه الالتزامات الإنسانية التي يحث عليها ديننا الحنيف وتؤكد روابطنا الاجتماعية في التعاون والمشاعر الصادقة.
10 - الإعلاميون في جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وبالذات الذين ينقلون معاناة المرضى وهم يترددون على المستشفيات أو على الأسرة البيضاء ويحرصون على نقل مشاعرهم وآرائهم وعرضها على المسؤولين بالصوت والصورة والكلمة لتداركها وتصحيحها حرصاً على المصلحة العامة التي ينشدها الجميع.
وفي الختام أقول: إن هؤلاء هم أنموذج الأصدقاء المثاليين للمرضى، وهناك غيرهم ممن له بصمات إنسانية في هذا المجال الإنساني الحيوي: ولكن في الاتجاه المعاكس يوجد مع الأسف أعداء المرضى وهم عينات شاذة تعيش على معاناة المرضى، حيث تحرص جاهدة على استنزاف ما في جيوبهم بالإطالة والتضليل والتكهنات وهذه فئة جعلت الاستغلال شعارها وهدفها الأول والأخير، يرفدهم ويشد أزرهم ويوازيهم فئة أخرى من أدعياء الطب وفي المقدمة مزورو الشهادات الطبية وشهادات الخبرة المزيفة وهؤلاء يظهرون بالجملة بين فينة وأخرى على حقيقتهم عن طريق الهيئات الطبية المتخصصة التي ترصد خداعهم بامتحاناتها الدورية وتقويمها المستمر.. ولا ننسى من يحاول جاهداً الدفاع عن الأخطاء المتكررة من بعض الأطباء أو يغطي بأسلوبه الملتوي نتائج التحقيقات غير عابئ ولا مكترث بما تتركه هذه الأخطاء من تبعات جسيمة ومستفحلة بما فيها الإعاقة الدائمة في حياة ضحاياها من المواطنين والمقيمين والله الهادي.
زيارة عابرة إلى مستشفى عام
في نهاية هذه السطور أو بمعنى أصح هذه المشاعر النابعة من القلب عن أصدقاء المرضى المتميزين في عطائهم وإنسانيتهم، هنا أتطرق وبإختصار إلى مشهد رأيته بنفسي من واقع زيارة عابرة صباح يوم قريب في مستشفى الرس العام.
هذا المستشفى الذي مضى على تأسيسه حوالي ستين عاماً ومنذ ذلك الوقت لم يتغير فيه شيء سوى تغير موقعه وتجديد مبناه.
هذا الموقف أو المشهد الذي لن أنساه هو معاناة أخوة وأحبة وأصدقاء تحت أجهزة الغسيل الكلوي شفانا الله وإياهم، هؤلاء يلاقون معاناة شبه يومية وبقية الأيام يعانون تبعاتها وما دام الحديث عن أصدقاء المرضى فكم تمنيت أن يكثف أصدقاء المرضى بالمحافظة زيارتهم لهؤلاء المرضى بالتناوب لسماع اقتراحاتهم واحتياجاتهم الخاصة، وقد حز في نفسي انعدام وسائل الترفيه المقروءة كالصحف أو المرئية مثل القنوات الترفيهية وغيرها، تنسيهم مرور الساعات الطوال الثقال وهم مشدودون تحت أجهزة الغسيل الخانقة متمنياً أن يجد هذا الاقتراح تجاوباً إنسانياً فاعلاً وعاجلاً، كما آمل من معالي الوزير الشهم الهمام بلفتة إنسانية لتطوير إمكانات المستشفى. والله الموفق.
- الرس