جاء يوم العيد، يوم الخروج من الزمن إلى زمن وحده، لا يستمر أكثر من يوم، زمن قصير ظريف ضاحك، تفرضه الأديان على الناس؛ ليكون لهم بين الحين والحين يومٌ طبيعي في هذه الحياة التي انتقلت عن طبيعتها، يوم السلام، والبشر, والضحك، والوفاء، والإخاء، وقول الإنسان للإنسان: «وأنتم بخير»، يوم الثياب الجديدة على الكل إشعارًا لهم بأن الوجه الإنساني جديد في هذا اليوم، يوم الزينة التي لا يراد منها إلا إظهار أثرها على النفس ليكون الناس جميعًا في يوم حب، يوم العيد؛ يوم تقديم الحلوى إلى كل فم لتحلو الكلمات فيه، يوم تعم فيه الناس ألفاظ الدعاء والتهنئة مرتفعة بقوة إلهية فوق منازعات الحياة، ذلك اليوم الذي ينظر فيه الإنسان إلى نفسه نظرة تلمح السعادة، وإلى أهله نظرة تبصر الإعزاز، وإلى داره نظرة تدرك الجمال، وإلى الناس نظرة ترى الصداقة، ومن كل هذه النظرات تستوي له النظرة الجميلة إلى الحياة والعالم؛ فتبتهج نفسه بالعالم والحياة، وما أسماها نظرة تكشف للإنسان أن الكل جماله في الكل الرافعي.