سحر الكلمة ">
ثار فلاح على صديقه، وقذفه بكلمة جارحة، وما إن عاد إلى منزله، وهدأت أعصابه، حتى بدأ يفكِّر باتزان : «كيف خرجت هذه الكلمة من فمي؟!
سأقوم وأعتذر لصديقي»، هكذا قال الفلاح.
بالفعل عاد إلى صديقه، وفي خجل شديد، قال له: «أنا آسف، فقد خرجت هذه الكلمة عفوًا مني، سامحني»، وقبل صديقه اعتذاره.
لكن عاد الفلاح ونفسُه مضطربة، حزينة، كيف خرجت منه مثل هذه الكلمة من فمه، لم يسترح قلبه لما فعله، فالتقى بكبير القرية، واعترف بما ارتكب، قائلاً له: «أريد أن تستريح نفسي، فإني غير مصدق أن هذه الكلمة خرجت من فمي»، قال له الرجل الكبير : «إن أردت أن تستريح، املأ جعبتك بريش الطيور، واعبر على كل بيوت القرية، وضع ريشة أمام كل منزل».
في طاعة كاملة، نفَّذ الفلاح ما قيل له، ثم عاد إلى شيخه متهللاً، فقد أطاع كلامه، قال له الرجل الكبير : «الآن اذهب واجمع الريش من أمام الأبواب».
عاد الفلاح ليجمع الريش، فوجد الرياح قد حملت الريش، ولم يجد إلا القليل جدا أمام الأبواب، فعاد حزينًا
عندئذ، قال له الرجل الكبير: «كل كلمة تنطق بها أشبه بريشة تضعها أمام بيت أخيك، ما أسهل أن تفعل هذا! لكن ما أصعب أن ترد الكلمات إلى فمك ! إذن عليك أن تجمع ريش الطيور أو أن تمسك لسانك».
حقاً من الصعب أن نرد كلماتنا وأن نرجع حتى نغير كلامنا، ولكن بالإمكان أن نتمالك أنفسنا ونمسك لساننا ونتحكم بالموقف بدل أن يتحكم بنا، فالكلمات الطائشة مهما اعتذرنا وأبدلناها بالكلمات الطيبة تبقى أثر طعنتها.. «لسان العاقل وراء قلبه وعقل الأحمق وراء لسانه»