(1) أصوات
عائلتها كبيرة العدد، تعمل ليل نهار من أجل توفير لقمة العيش لم تهتم يوما بالانتخابات حتى جاء رجل الأعمال المعروف ليرشح نفسه في منطقتهم الفقيرة، وعدهم بالكثير، بل وعدهم بكل شيء، رجاله استخرجوا بطاقات انتخابية لسكان الحي الميت.
يوم الانتخابات أعطوا كل واحد من السكان البطاقة مشفوعة بنصف ورقة من فئة المائة جنيه، على أن يحصلوا على النصف الآخر بعد الخروج من اللجنة، وقفت على باب اللجنة في طابور طويل، قبل أن يصلها الدور جاء الخبر، مات الرجل
(2) الشجرة
مرت أيام عديدة ومازال مقيماً في نفس تلك الغرفة المظلمة، تعدت الأيام لتصبح شهوراً، يلبس زيه المُعتاد، يستيقظ دائماً على صوت البستاني ومقصه اللعين؛ يقلم الشجرة العتيقة خارج الجدار، وبرغم ضيقه إلا أنه كان دائم التلصص -واقفاً على أطراف أصابعه مُعتلياً الدلو الموجود بالغرفة؛ لكي يشاهد ما يحدث في الخارج.
في يوم مثل كل يوم شاهد البستاني قادماً ولكنه ليس بمفرده، يحمل منشاراً ويساعده آخرون لقطع الملعونة، أحس بالسعادة، رقص فرحا، أخيراً سينعم بالهدوء, «سأصبح من اليوم حراً» -هكذا حدث نفسه– «لن أشاهدها مرة أخرى»، «لن أرى وجه البستاني»، «لن يزعجني صوت مقصه وصوت سقوط أوراقها لتموت»، ماتت كلها لن يصبح لها وجود، وكان صادقاً في شعوره.
في منتصف النهار دخلت الشمس غرفته لأول مرة، وفي نفس اليوم السعيد فتح أحدهم الباب ومعه جمع من الناس، لم يتبين ملامحهم، اصطحبوه خارجاً، تثاقلت خطواته حتى أنه أحس أنهم يحملونه، حينها نظر لنفسه فقد عرف الحقيقة من ملابسه.
- محمد يوسف