المبتعث: عبود آل زاحم ">
يا مبتعثي أمريكا.. إذا وجدت سعودياً في المدينة الأمريكية التي تقيم فيها، وليس بينكم سابق معرفة، فبادر بسؤاله فربما كان في حاجة إلى مساعدة!.. ومن حيث لا تعلم قد تكون سبباً في فك كربه وهم من هموم الغربة!
وللعلم.. كلنا.. أنا وأنت.. مررنا بمثل هذه الظروف عندما قدمنا إلى هذه الديار البعيدة لأول مرة!.. هموماً قد تكون سبباً في جعل حياتنا في بلد الابتعاث حرمان وتوجس.. وخوف ينسينا حلاوة الابتعاث وغاياته وأهدافه التي قدمنا من أجلها!
بما أنني أحد مبتعثي أمريكا ويوجد بيننا من هو قادم لتوه ومن هو متزوج ولديه طفل أو أطفال، أنظر إلى العوائق التي يمر بها وخاصةً عندما يكون ليس لديه لغة إنجليزية يتحاور ويتواصل بها مع الآخرين، وكيف هو حاله مع دائرة الهجرة الأمريكية (الامقريشن).
فخطر في بالي كما هو في بال الكثير من المبتعثين.. لما لا نكون حلقة وصل بيننا وبين الطلاب الجدد القادمين من الوطن، في وقت أصبحت فيه العديد من الأندية الطلابية في بلاد الابتعاث مجرد لافتات صورية، وكل من يعمل فيها يتهرب من المسؤولية، وبالتالي من يحمل مسؤولية الطلاب وخاصة الطلاب الجدد القادمين إلى بلد الابتعاث.
ومن هنا أطالب الملحقية الثقافية بأمريكا وغيرها من بلاد الابتعاث بمحاسبة أي نادٍ سعودي لا يكون لديه ضمن برامجه أو التقارير الشهرية التي ترفع من النادي لقاء تعريفي بالطلاب الجدد، وماذا قدم لهم؟ وأن يكون هناك استبيان من الطلاب برابط خاص بالملحقية لا يطلع عليه إلا المسؤولون في الملحقية، لأن الأندية ما وضعت إلا أن تكون حلقة وصل بينها وبين الطالب أو الطالبة وكذلك لا أنسى العمل التطوعي الذي يجب أن يقوم به بعض الطلاب من خارج الأندية لأن هذا عمل إنساني ويؤجر عليه فاعله وليكن شعارنا في مساعدة الناس قول الرسول صلى الله عليه وسلم (أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظا، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام. وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل) صحيح الجامع 176.
وخلال سنوات ابتعاثي في أمريكا.. استوقفني موقفان، الأول إيجابي والثاني سلبي، وسأبدأ بالإيجابي الذي يدور عن أحد القادمين من السعودية ومعه زوجته وطفله، وكانت رحلته مليئة بالمغامرات والإشكاليات وأولها أن الرجل ليس لديه لغة إنجليزية يتحاور بها، وفي المطار أضاع حقائبه كما حدثت مشكلة بالفيزا الخاصة بابنه، فتطوع اثنان من الشباب الذين لا علاقة لهم بالنادي السعودي في المدينة القادم لها وحلت مشكلته مع حلول ساعات الفجر رغم وصوله في الساعة الخامسة عصراً، والجميل في الأمر أن المتطوعين الذين ليس لديهما سابق معرفة ودراية بالقادم الجديد ظلا ينتظران خارج المطار حتى خرج واستقبلاه أحسن استقبال، ولم يكتفيا بذلك بل اصطحباه إلى الفندق ورتبا له وأسرته الإقامة والأكل والشرب.
أما الموقف السلبي فقد حصل في مدينة أخرى من بلد الابتعاث أمريكا عندما قدم أحد المبتعثين إلى إحدى المدن الأمريكية وهو برفقة زوجته وابنة ولا يجيد اللغة الإنجليزية ليتواصل مع من هم حوله ولم يجد أحد من النادي السعودي في استقباله ولم يجد من يتفاعل معه بحكم صغر المدينة، الشاهد من الموضوع أن الرجل أخذ يتواصل معي وهو في حسرة وندم أن النادي السعودي لم يتفاعل معه ولم يجد من يعينه على أبسط الأمور التي قد تكون عنده صعبة جداً بحكم عائق اللغة، وكذلك وصوله في شهر رمضان وهو صائم وبعيد عن الأهل والوطن.
في نهاية مقالي هذا أتمنى وكلي أمل ألا نحقر من المعروف شيئاً ولا نتكاسل عن مساعدة الآخرين فقد تكون سبباً في إدخال السرور عليهم، وكذلك السؤال والسلام على من تعرف ومن لم تعرف لأن هذا نهجنا في ديننا الحنيف كما قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أي الإسلام خير؟ قال: »تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف».((متفق عليه)).
فدل على ذلك أننا نسلم على الناس أجمعين فلا نستنكر بالسلام على من لا نعرف بل نجعلها عبادة وتقرباً إلى الله وسنّة نحييها في حياتنا حتى ننعم بها وأن نكسب من ثقافة الشعب الأمريكي بأنه يبادرك بالتحية وبالابتسامة حتى وإن لم يعرفك، وهذا التصرف الإيجابي الذي يجعلنا نفكر بأن هذه التصرفات هي في ديننا الذي يجب أن نتمسك به، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) رواه مسلم.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان.
وعن جرير بن عبدالله رضى الله عنه قال: (ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم، ولا رآني إلا تبسم في وجهي) رواه البخاري.
الابتسامة لها رونق وجمال، وتعابير تضفي على وجه صاحبها الراحة والسرور، بل رتب النبي -صلى الله عليه وسلم- أجرا عليها وقال صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك صدقة).