طلال الظفيري - (خاص الجزيرة) - الكويت:
ودعت دولة الكويت في كلمات عبر مجموعة من إعلاميها ومثقفيها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل رحمه الله رجل المواقف المبدئية والرؤى المتكاملة من قضايا الأمتين العربية والإسلامية لاسيما ما سجله الراحل من مواقف وجهود إبان غزو النظام العراقي البائد للكويت عام 1990 وما تلاه من تحرك سياسي ودبلوماسي تحضيراً لحرب تحرير الكويت عام 1991.
إذ يعتبر الأمير الراحل مهندساً للسياسة الخارجية السعودية فقد ظل على رأس وزارة خارجية بلاده طيلة 40 عاماً قبل أن يغادر منصبه في أبريل الماضي لأسباب صحية.. وعمل خلال توليه منصب وزارة الخارجية على إرساء دعائم العمل الدبلوماسي والنهوض بسياسة المملكة الخارجية.
وقد برز نشاطه الدبلوماسي خلال فترة الغزو، حيث شكل الاحتلال العراقي لدولة الكويت منعطفاً كبيراً لدول المنطقة والعالم وخصوصاً السعودية فبدأ وزير خارجيتها سعود الفيصل تحركاته الدبلوماسية لإنهاء الاحتلال معلنا وقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب الحق الكويتي وما قام به من تحركات فاعلة لرفض الاحتلال وانسحابه من الأراضي الكويتية انسجاماً مع موقف بلاده المتضامن مع الكويت.
وقد نعى في تصريح لـ»الجزيرة» الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور عايد المناع قائلاً: «لاشك بأن الدبلوماسية العربية والعالمية خسرت بوفاة المرحوم -بأذن الله تعالى- صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل شخصية فذة وكبيرة وخبيرة في شئون السياسة الدولية وكذلك هو خبير أيضاً» في شئون الأقتصاد والنفط وبالذات في منطقتنا العربية. وأضاف المناع: إن الأمير سعود الفيصل حقيقة لم يكن شخصاً عادياً، بل كان رجلاً دبلوماسياً من الطراز الممتاز؛ وبذلك خسارته ليست فقط على المملكة العربية السعودية، بل خسارته علينا جميعاً.. ونسأل الله أن يتقبله في عباده المحسنين وأن يغفر له ويرحمه ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
من جانبه قال الناشط السياسي الكويتي ورئيس منتدى الأمن والسلام الدكتور فهد الشليمي لـ»الجزيرة» نعزي قيادة المملكة العربية السعودية وشعبها الوفي بوفاة أمير الديبلوماسية السعودية الذي ارتبط باسمه الشموخ والإخوة الخليجية والعربية والإسلامية وارتبط اسم سعود الفيصل بالدور الدولي الكبير الذي تلعبه وتمارسه المملكة العربية السعودية وارتبط اسم سعود الفيصل بالدور الإسلامي والعالمي التي تقوم به السعودية في الحفاظ علي الأمن الأقليمي والعالمي وارتبط اسم سعود الفيصل بالعديد من الهيئات الدولية والأممية التي تساهم بها السعودية وتدعمها دبلوماسياً واقتصادياً.. كما ارتبط اسم سعود الفيصل بالنموذج الراقي للدبلوماسية السعودية في انتقاء الحوارات والبيانات والتي تقوم علي الهمس الديبلوماسي والصدع بالحق القانوني والدولي للدول المظلومة.
سعود الفيصل كان بمرتبة رئيس دولة عند الدول الأخري سعود الفيصل كان يأتي بالحلول الديبلوماسية الحاسمة من بين نار الصراعات والاحتقانات السياسية بين الدول المتصارعة سعود الفيصل كان يقود الديبلوماسية الخيرية والتطوعية للملكه العربية السعودية.. وارتبط اسم سعود الفيصل بالسعودية ورايتها الخضراء الخفاقة وسيفها القاطع ونخلها المثمر فرحم الله سعود الفيصل وأسكنه فسيح جناته.
وقال الإعلامي الكويتي رئيس تحرير «دروازة نيوز» صلاح العلاج: «إن خسارة قامة وقيمة مثل الأمير سعود الفيصل ليست خسارة عادية فالرجل الذي يعتبر أحد ساسة العرب الذين لهم ثقل وحضور لا يمكن نسيانه أو تناسيه فالرجل الذي غادرنا عن خمسة وسبعين عاما قضى منها أربعين عاما كوزير للخارجية كان مثلال للرصانة والدبلوماسية والحنكة ولم يكن غائباً عن أي حدث أو مصاب أصاب الأمة العربية لا سيما الكويت التي كانت في قلبه وعقله لا سيما وقت الخطوب والأزمات ومن أشهر المواقف التي تحسب له موقفه من الاحتلال الصدامي للكويت في أغسطس عام 1990 حينما وقف شامخاً وقال إن «الكويت ستعود رغم أنف صدام حسين». مشيراً إلى أن الأمير الراحل هو الذي أعاد فتح أبواب العلاقات السعودية مع الاتحاد السوفياتي عام 1990، وهو الذي تولى ملفات العلاقات السعودية مع العديد من الدول العربية ودول العالم ورغم دماثته وابتسامته المحببة لمن يتعاملون معه إلا أنه كان واحداً من صقور السياسة السعودية. لافتاً إلى أن أبرز الذين عاصروه وعملوا معه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي زامله في مهمات صعبة كعضوين في لجان عربية لحل الأزمات العربية ومنها أزمة الحرب الأهلية في لبنان التي توجت مساعي الأمير الراحل لحلها باتفاق الطائف الشهير عام 1989. وأضاف العلاج: ولهذا فإني أدعو وتقديراً لسيرة هذا الرجل ومسيرته ووفاء له جزاء ما قدم أن تقيم الكويت يوم السبت المقبل صلاة الغائب على روح هذا الفقيد الذي نعاه كل عربي ومسلم باعتباره رجلاً عظيماً وهب كل حياته وأفنى عمره كله في خدمة وطنه وأمته وسخر كل جهده لتقوية الصف العربي والإسلامي وسعي بكل ما أوتي من حكمة للحفاظ على وحدة الكلمة ونبذ الخلاف والفرقة».