حسناء محمد ">
من الأمور الطريفة أن رجال هذا الوقت ينتقدون النساء في بعض أمورهن وهم بحاجتهن كحاجة العصفور الذي لم ينبت ريشه بعد لأمه، على «سبيل المثال» حرصهن في معرفة أدق أدق تفاصيل الأشياء فمثلا لو سألت إحداهن زوجها عن سبب تأخره وقال: لقيت أحد أصدقاء الدراسة فأخذنا الحديث، ثم سكت وهي ما تزال تنظر بعينيها إليه ها ثم ماذا، فيقول هذا كل شيء..؟! فتبدأ في استجوابه حتى يصل بها إلى رواية سابع جد من أجداده وكيف سقط ذات يوم في البئر..!
عموما لا علينا من البئر الآن ولا جده.. المهم أيها الرجل أنك إذا سئلت من زوجتك فعليك أن تتقن التفصيل، وتمزيق ثوب الحديث حتى يظهر ما خلفه، أما أن يخطر ببالك أن تكتفي بقول كنت هنا أو هناك أو انشغلت بأمر أو آخر وأنت تنشد بذلك راحة بالك فأنت مخطئ، جانٍ على نفسك أشد الجناية..
هذا بحياة معظم الرجال والنساء، ولكن لنخوض في حديث خاص أقصد حين يكون الرجل ذا مركز مرموق في ماله أو جاهه أو علمه وهو ما نسميه في لغتنا المحلية «الشيخ» وهذا لا شك للمرأة معه شأن آخر، وتعامل مختلف، فلو فتحت فمها لتسأله عن أمر ما وهو لا يريد أن يوجع رأسه بنقاشها فيكتفي بإدخال يده لجيبه ويضع ورقات زرقاء تسر الناظرين فتصمت الدماء في عروقها وتبتسم له ابتسامة الأم الحنون لأصغر عيالها وتقبل رأسه وتقول: أف لنا نحن النساء كيف يأخذنا الظن كل مأخذ وما أنتم يا معشر الرجال في حديثنا إلا كيوسف من الذئب!
أما لو كان ذلك الشيخ شيخ علم ومدارك فهو أكثر من يذهب بها للبحر ويعيدها عطشانة لإتقانه لدهاليز اللفظ وقولبة العبارة وقول هذا حرام وهذا حلال، ولو أن كذا وكذا لكان كذا، والمسكينة تغدو كالنعجة التي تربط وهي ترى السكين تحد أمامها ..
فتقول جزيت خيرا ما كان أشد جهلي ورعونتي، وهل لنا غيركم تاج على الرأس، تقول ذلك بعد أن أفحمتها تلك الموعظة التي مرت على كتب الأولين والآخرين حتى انتفخ رأسها..
أما من تفرد تفرد عقد الألماس بين الباقية فهو زوج الاثنتين.. ومثله كمثل من يخرج من حفرة فيعود لينحدر بأخرى يتنازعنه تنازع الصيام للوليمة فيقول لو أني قعدت عند أرجل والدتي تدللني وتحنو علي أما كان خير من هذا الحال الذي هو مهين ولا يكاد يبين! أما لو أني سقطت كجدي في البئر وبقيت فيه لكان أحسن.. كونوا دائما مبتسمين وتقبل الله طاعتكم.