نسبة القروض إلى الودائع في البنوك السعودية ما زالت أقل من الحد الاحترازي ">
الجزيرة - محمد السلامة:
كشفت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» أن نسبة القروض إلى الودائع في البنوك السعودية مازالت أقل من الحد الاحترازي البالغ 85.0 في المئة الذي وضعته المؤسسة قبل سنوات لمنع احتمالية الإفراط في منح الائتمان، حيث بلغ متوسط القروض إلى الودائع أقل من 82 في المئة لكنه تراوح ما بين 77.6 في المئة و80 في المئة خلال الفترة 2009 - 2014م. فيما شكلت الودائع نسبة تغطية بلغت 125 في المئة من إجمالي الائتمان المصرفي، معتبرة أن استمرار المصارف السعودية في الالتزام بالمتطلبات التنظيمية لنسبة القروض إلى الودائع يضمن لها مركز سيولة قوي.
وأشارت «ساما» في تقريرها للاستقرار المالي إلى أنه ولزيادة تعزيز الاستقرار المالي والثقة والحد من انتقال التبعات السلبية ومخاطر السيولة في القطاع المصرفي، فقد أنشأت صندوقا لحماية الودائع، وبموجب برنامج تأمين الودائع الذي صدر في عام 2015، ستغطى الودائع لغاية 200000 ريال سعودي من مبلغ كل وديعة، وسيُمول هذا المشروع من صندوق تؤسسه المصارف خصيصاً لهذا الغرض.
كما أكدت «ساما» أن ربحية المصارف السعودية ظلت الأعلى بين اقتصادات مجموعة العشرين رغم عملها في بيئة ذات سعر فائدة منخفض. واستمر العائد على حقوق المساهمين والعائد على الأصول للأجل المتوسط بالتذبذب حول معدل متوسطيهما. كما أن القطاع المصرفي سجل نسبة عائد على حقوق المساهمين وعائد على الأصول بلغتا 18.5 في المئة و2.5 في المئة على التوالي، معتبرة أن مستويات الربحية العالية تزيد من مرونة المصارف بشكل كبير، حيث إنها تشكل عازلاً عالي الجودة ضد أي صدمات يتعرض لها النظام المصرفي.
الإقراض لقطاع الأعمال
وقالت «ساما» في تقريرها الإقراض المصرفي لقطاع مؤسسات قطاع الأعمال في المملكة أظهر عموماً نمواً قوياً في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك بصورة كبيرة إلى الطلب المحلي القوي الناشئ عن الإنفاق العام. وسجل إجمالي الإقراض المصرفي الممنوحة للمؤسسات نمواً بنسبة 9.4 في المئة في عام 2014م، وتعزى تلك الزيادة بصورة رئيسة إلى الطلب القوي على الاقتراض من القطاعات الإنتاجية، مثل قطاع التجارة وقطاع الصناعة التحويلية والمعالجة.
لافتا إلى أن الإقراض الممنوح للمؤسسات يبدو أكثر تركيزاً في بعض القطاعات مقابل قطاعات أخرى. وقد يساعد إيجاد مزيد من التنويع في محافظ المصارف لإقراض المؤسسات في تعزيز التنمية القطاعية وتنويع مخاطر الإقراض. ويبين توزيع الإقراض بين الأنشطة الرئيسة في قطاع الأعمال أن نصيب قطاعات التجارة، والصناعة التحويلية والمعالجة، والبناء والتشييد بلغ ما يزيد على 70.6 في المئة من الإقراض المصرفي الممنوح لكافة المؤسسات في عام 2014م. وعلى الرغم من أن ذلك كان متماشياً بنحو كبير مع الاتجاهات التاريخية، فإن تركز الإقراض في بعض هذه القطاعات جاء مرتبطاً بمحركات اقتصادية محددة، مثل الإنفاق الحكومي على البنية التحتية، لذا فإن أي نقاط ضعف في هذه القطاعات قد تنتقل إلى النظام المالي.
الإقراض العقاري
وأشار تقرير الاستقرار المالي إلى ارتفاع نسبة الإقراض العقاري بما يربو على 30 في المئة لكل من عامي 2013م و2014م. فيما بقي الإقراض العقاري للأفراد المحرك الرئيس للنمو السنوي للعقارات في عام 2014 حيث مثل 63.3 في المئة من إجمالي القروض العقارية. كما بلغت حصة الإقراض العقاري من إجمالي الإقراض المصرفي 12 في المئة في عام 2014م. ومن ناحية أخرى، ظل نصيبه في الناتج المحلي منخفضاً، إذ بلغ حوالي 5.3 في المئة و9.3 في المئة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي والناتج المحلي غير النفطي على التوالي.
من ناحية أخرى، تواصل مؤسسة النقد العربي السعودي مراقبة التطورات في سوق العقارات وهي ملتزمة باتخاذ أي إجراءات لازمة لتخفيف مخاطر النظام في القطاع المصرفي الناشئة عن محفظة الإقراض العقاري. وفي ضوء ذلك، وضعت المؤسسة إجراءات احترازية كلية لتعزيز مبادرات الحكومة وضمان مستويات ثابتة ومستدامة للتمويل العقاري. نتيجة لذلك وكجزء من نظام التمويل العقاري ولائحته التنفيذية، وضعت المؤسسة حداً أعلى يبلغ 70 في المئة من قيمة العقار كأقصى نسبة للتمويل العقاري ودخل هذا النظام حيز التنفيذ في نوفمبر عام 2014م. ومن المتوقع أن يحد تنفيذ الحد الأقصى للتمويل العقاري من المديونية المفرطة في قطاع العقارات.
الودائع المصرفية
ولفت التقرير إلى أن السيولة العالية واستمرار الحصول على تمويل منخفض التكلفة يعدان عاملين إضافيين يساهمان في متانة القطاع المصرفي. وظلت المصارف السعودية تتمتع بقاعدة ودائع ضخمة ومستقرة، يعززها إلى حد كبير النشاط القوي للقطاع الخاص وتسارع الإنفاق الحكومي في السنوات الأخيرة. وقد سجل إجمالي الوادئع المصرفية متوسط نمو سنوي بلغ 11.0 في المئة ليصل إلى 1.58 تريليون ريال خلال الفترة 2009م - 2014م. وفي عام 2014م، بلغت ودائع غير المقيمين 7.9 مليار ريال، أي ما يعادل 0.5 في المئة من إجمالي الودائع المصرفية.
وأوضح التقرير أن القطاع الخاص واصل امتلاكه لمعظم الودائع المصرفية بنصيب بلغ نحو 75 في المئة في عام 2014م، وشكلت الودائع تحت الطلب بدون فوائد الجزء الأكبر من تلك الودائع. وبلغ نصيب الودائع تحت الطلب من إجمالي الودائع المصرفية 63 في المئة في عام 2014م، تلتها الودائع الزمنية والادخارية (بنسبة 25.3 في المئة)، والودائع شبه النقدية (بنسبة 11.9 في المئة) وفي حين شكلت ودائع المؤسسات والأفراد معظم إجمالي الودائع تحت الطلب (بنسبة 94 في المئة)، والودائع الزمنية والادخارية بنسبة (42.5 في المئة)، وشكلت ودائع العملات الأجنبية 84 في المئة من الودائع شبه النقدية في حسابات جهات حكومية بنسيب بلغ 41.4 في المئة في عام 2014م. وشكلت حسابات الشركات وحسابات الأفراد الجزء الأكبر من ودائع العملات الأجنبية حتى عام 2008م.
ربحية عالية للقطاع المصرفي
وأكدت «ساما» أن القطاع المصرفي واصل تمتعه بربحية عالية في عام 2014م، حيث ارتفعت أرباح المصارف بنسبة 12.5 في المئة إلى 40.2 مليار ريال في عام 2014م. وقد ساهم صافي دخل الفائدة بالقدر الأكبر في ذلك حيث شكل أكثر من 67 في المئة من إجمالي الدخل خلال الفترة 2012 - 2014. ومع هذا، انخفض نمو دخل الفائدة إلى 8.0 في المئة في عام 2014 بالمقارنة مع العام الماضي. ومن حيث تكوين دخل الفائدة، كانت الفائدة على القروض الممنوحة للقطاع الخاص المحرك الرئيس للدخل، إذ شكلت أكثر من 74.0 في المئة من إجمالي دخل الفائدة في عام 2014م. وتضمنت مصادر الدخل الرئيسية الأخرى صافي العمولات الخاصة ورسوم منتجات سوق رأس المال مثل خدمات الوساطة وإدارة الأصول.
وأشارت «ساما» في تقريرها إلى أن القطاع المصرفي السعودي يتمتع بملاءة رأسمالية عالية للغاية بالمقارنة مع اقتصادات الأسواق الناشئة والمتقدمة الأخرى. وساهمت الرسملة القوية للمصارف السعودية بشكل هام في متانة القطاع المصرفي السعودي بأكمله. وحافظ القطاع المصرفي على متوسط نسبة كفاية رأس المال عند 17.9 في المئة بحلول نهاية عام 2014م، أي أكثر بقليل من متوسط الخمس سنوات البالغ 17 في المئة خلال الفترة 2009م - 2013م.
وخلصت «ساما» إلى أن متانة القطاع المصرفي السعودي ازدادت مع مرور السنوات. ومع محدودية انكشافه الخارجي، فإن مخاطر الائتمان المحلي تدار بشكل جيد بسبب الأصول عالية الجودة والمخصصات الكافية للقروض. وتشير مؤشرات السلامة المصرفية إلى مستوى عالٍ لمتانة القطاع المصرفي بسبب قوة المخصصات الإضافية ورأس المال والسيولة. كما عززت التحسينات الأخيرة في الإطار الاحترازي الكلي، تماشياً مع القواعد التنظيمية لمعيار بازل 3، من الوضع المالي السعودي. لذلك، من المتوقع أن يظل النظام المالي السعودي مرناً أمام التطورات السلبية وأن يساهم في الاستقرار الاقتصادي والمالي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن القطاع المصرفي في وضع يؤهله لامتصاص آثار صدمة ارتفاع أسعار الفائدة بنسبة أعلى من تلك السيناريوهات بفضل الخطط التحوطية وأدوات إدارة المخاطر السليمة. ووفقاً لدراسة استقصائية أجرتها مؤسسة النقد مؤخراً، فإن المصارف لا ترى أي تأثير كبير على قدرة المقترضين على السداد إذا ارتفعت أسعار الفائدة بمقدار 25 أو 50 نقطة أساس، وأعربت جميع المصارف عن ثقتها الكاملة في قدرتها على تحمل أي صدمات سعر فائدة محتملة حتى 200 نقطة أساس، كما أن لدى جميع المصارف نماذج لتقييم تأثير التغيرات المحتملة في أسعار الفائدة على الربحية والسيولة وكفاية رأس المال.