محمد بن فهد العمران
بغض النظر عن اختلاف عقائدهم الدينية أو أفكارهم الاجتماعية، إلا أن هناك علاقة مشتركة يرتبط بها كبار المستثمرين حول العالم عند وضع الهيكل التنظيمي لاستثماراتهم الدولية تتمثل في إنشاء شبكة معقدة من شركات الاوفشور و الأونشور و الأوقاف بهدف تخفيض المخاطرة على نطاق واسع (يزداد تعقيدها بتعقد استثماراتهم جغرافيا أو قانونياً) إلى جانب تخصيص جزء من الأرباح المحققة كل عام للأعمال الخيرية او الإنسانية، فيما تكون هذه الشبكة المعقدة مملوكة أخيراً من قبل شركة قابضة أو شركة خاصة أو صندوق تحوط تحت تصرف المستثمر نفسه.
فعلى سبيل المثال، نجد أن المستثمر الشهير وارن بافيت يضع كل استثماراته الشخصية تحت مظلة شركته القابضة «بيركشاير هاثواي» و نجد أن المستثمر الشهير أيضاً بيل جيتس يضع كل إستثماراته الشخصية تحت مظلة شركته ذات المسؤولية المحدودة «كاسكيد الإستثمارية» و نجد أن المستثمر الشهير أيضاً جورج سوروس يضع كل إستثماراته الشخصية تحت مظلة صندوقه التحوطي «صندوق سوروس»، و الملفت أنهم جميعاً يخصصون جزء كبير من أرباح إستثماراتهم هذه للأعمال الخيرية و الإنسانية وبنسب كبيرة تصل إلى 80 بالمئة من الأرباح كما في صندوق سوروس.
بحكم أن سويسرا تمثل مركز الثقل الدولي لودائع الأموال المصرفية و لتسجيل رؤوس الأموال الإستثمارية مع تواجد أكبر البنوك الإستثمارية العالمية، إلا أنه مع بداية عام 2015م قام المنظمون السويسريون (ممثلين بالبنك المركزي SNBو هيئة الرقابة على السوق المالية (FINMAبوضع ضوابط تنظيمية جديدة تحد من الإقتراض و و الحصول على الأبحاث/التوصيات و حرية حركة رؤوس الأموال الإستثمارية و خصوصاً تلك المملوكة للأفراد و للشركات الأجنبية، و بالتالي أصبح لزاماً على الأفراد و الشركات الأجنبية إعادة تنظيم ودائعهم و إستثماراتهم ضمن إطار يتوافق مع الأنظمة الجديدة إذا ما أرادوا البقاء و مواصلة الإستفادة مستقبلاً.
و على نفس النهج، بدأت الدول الكبرى حول العالم (مثل الولايات المتحدة و ألمانيا و فرنسا و غيرهم) مؤخراً بتضييق الخناق على شركات الأوفشور التي تستهدف الإستثمار مباشرة في هذه الدول من خلال تملك الأسهم الخاصة و تملك الأسهم العامة و تملك العقارات و بمبالغ ضخمة قدرتها بعض المصادر بعشرات التريليونات من الدولارات !!! و سبب ذلك أن هذه الشركات مسجلة رسمياً في مناطق جغرافية لا تخضع لأنظمة الدول الكبرى و لا لرقابتهم التنظيمية و لا لأنظمتهم الضريبية و هو ما يعتبر ثغرة يتوجب سدها لتنظيم الإستثمارات و رفع مداخيل الدول الكبرى.
المهم أنه نتيجة لذلك، قامت المؤسسات المالية العالمية مؤخراً بتقديم نصائح موجهة للأفراد و الشركات الأجنبية الذين لهم مصالح في سويسرا و لشركات الإستثمار المسجلة في مناطق الأوفشور بضرورة إعادة تنظيم إستثماراتهم الدولية لتكون مملوكة من صناديق أوقاف Trusts يختلف عددها و تنوعها بحسب تعقد الإستثمارات بحيث تكون صناديق الأوقاف هذه مملوكة من قبل شركة أوقاف قابضةPrivate Trust Company يكون المستفيد منها المستثمر أو من يختاره هو، و أعتقد أننا في المستقبل القريب سنجد كبار المستثمرون حول العالم سيعيدون تنظيم إستثماراتهم الدولية على هذا الشكل إن عاجلاً او آجلاً و الله أعلم.