أ.د. عبداللطيف بن خضر بن عبدالجليل فادن ">
قرأت كثيراً وبين الفينة والأخرى نجد شكوى أو تعليقا على صفحات الصحف اليومية مفادها أن أسعار الأدوية في تصاعد مستمر..!!
حقاً أن أسعار المستحضرات الصيدلانية في الآونة الأخيرة مرتفعة في معظم دول العالم إلا «الدواء» وهو المستحضر الصيدلاني الدوائي «لعلاج مرض محدد» الذي لا يزال بسعره المنضبط والمعتدل.. ولكن الملاحظ في المستحضرات الصيدلانية «غير الدوائية» هي التي في ازدياد دائم وذلك مقابل ما يصرف لها في بذل مقومات الرعاية.
وبفضل الله ثم بفضل الجهات المسؤولة عن اللوائح المنظمة لتجارة الأدوية ومهنة الصيدلة نجد أن المستحضرات الصيدلانية الدوائية لا تزال بأسعارها المحددة، وأن ظاهرة الازدياد أو التصاعد نجدها فقط في أسعار المستحضرات «الصيدلانية غير الدوائية» مثل المسكنات والملطفات ومنها أدوات ومواد التجميل.
وهذه الظاهرة تكمن في أسباب عديدة منها عدم ربط سعر المنتج بعدد المكونات في المستحضر، أولعدم دمج إجراءات تسعيرتها عند منح رقم التسجيل للمستحضر غير الدوائي، كما هو معمول في المستحضرات الصيدلانية الدوائية التي تحمل رقم التسجيل جنباً إلى جنب السعر المحدد للمنتج.
والمشاهد حالياً أن المستحضر الصيدلاني غير الدوائي مطبوع على عبوته رقم التسجيل، أما السعر فهو مضاف على لصاقة إضافية أو مسجل على غلاف العبوة.
لنستعرض فيما يلي بعضا من المستحضرات الصيدلانية غير الدوائية وهي:
1 - المسكنات والملطفات من العقاقير النباتية سواء كانت للاستعمال الباطني أو الظاهري.
2 - مسكنات أو قاتلات الألم العضلي والمفصلي من منتجات الاستعمال الموضعي.
3 - المقويات والفيتامينات بأشكالها الصيدلانية العديدة.
4 - مستحضرات العناية بالشعر والبشرة.
5 - مستحضرات وأدوات التجميل.
إن الشركات الصانعة لهذه المنتجات الصيدلانية غير الدوائية تلعب دوراً عظيماً في إظهار فوائدها ويتبع ذلك الزيادة في أسعارها الأساسية بالإضافة إلى ما يصرف لوسائل الدعاية المبتذلة التي تواكب مستوى الأفق، لذا يجب تعريف القارئ الكريم على أنواع المستحضرات الصيدلانية.
ولمعرفة تباين فروق الأسعار لنفس المستحضر الصيدلاني الدوائي منه وغير الدوائي نضع الأمثلة التالية:
المثال الأول: منتج صيدلاني دوائي لعلاج داء معلوم (آلام المفاصل والعضلات) هذا المستحضر يستفاد منه بالدهن على موقع الألم طبقاً لشكل المستحضر الصيدلاني (كريم أو مرهم) المحتوية على المادة الدوائية (مادة السلسلات + داي ايثايل امين) وهو متوفر في الصيدليات بسعر (11 ريالا) وذلك طبقاً للتسعيرة الرسمية.
المثال الثاني: منتج صيدلاني غير دوائي وهو مسكن ومهدئ لآلام المفاصل والتواء العضلات يستفاد منه بالدهن الموضعي، هذا المستحضر لا يحتوي على المادة الدوائية سوى أن العقار يحتوي على مستخلص نباتي ذي تأثير مسكن عند دهنه في موقع الألم ولكن سعره أعلى وأغلى (35 ريالا) من المستحضر الدوائي السابق ذكره في المثال الأول.
إن وضع أسعار المستحضرات غير الدوائية بناء على تقدير التاجر أو المورد والاكتفاء بإظهار رقم التسجيل الرسمي المعطى على عبوة المنتج الذي يفهم منه خطأ أن الأسعار المذكورة على العبوة مدرجة وتحت رقابة الجهة المعنية التي منحت رقم التسجيل بالترخيص.
ولهذا نجد أن المستحضرات غير الدوائية منتشرة في الأسواق بأسعار خيالية لا تتناسب مع مكوناتها المتواضعة.
وفيما يلي عينتان من مستحضر صيدلاني دوائي وغير دوائي يؤخذ عن طريق الفم (باطنياً).
أولاً: مستحضر صيدلاني (دواء لعلاج الكحة) ويحتوي المنتج على ثلاثة عناصر دوائية وهي: كلوريد دايفن هيدرامين - بورميد ديكسترو ميثوفان - كلوريد سودو ايفيدرين ومتوفر في الصيدليات برقم التسجيل والترخيص بسعره المحدد من الجهة المعنية الرسمية (9 ريالات).
ثانياً: المستحضر الصيدلاني غير الدوائي مستخلص من أوراق نبات اللبلاب (منتج بمكون عشبي) به عنصر وحيد وتأثيره مسكن للكحة والغريب أنه متوفر بسعر أعلى من سابقه (29 ريالا) وذلك حسب تسعيرة التاجر، وتعتبر هذه الزيادة مبتذلة في سعر المنتج الدوائي السابق ذكره في (أولاً).
إن هذا العمل التجاري غير مستساغ ولاسيما وأن المستحضرات الدوائية (للعلاج) لا تزال بأسعارها المحددة.
ولبيان ما سبق ذكره أعلاه، نوضح ما يلي:
عندما نفرز مكونات المستحضر الصيدلاني بصفة عامة سوف نجد أن أساسه يتكون من مجموعات متعددة حسب مجموعة المواد ذات التأثير الصيدلاني الدوائي وهي بمختلف أنواعها لعلاج الحالة المرضية المعنية، والمجموعة الأخرى وهي المسكنات والملطفات لبعض أجزاء الجسم الآدمي، وتعرف بأنها مستحضرات صيدلانية غير دوائية.
والأمثلة التالية توضح حقائق كل مجموعة:
أولاً: مستحضر صيدلاني دوائي: وهو ترياق لعلاج الحالة المرضية وهذه تنتج بأشكال عديدة معروفة لدى المختصين، ويعرف المستحضر الصيدلاني الدوائي بأنه المنتج الذي يحوي مادة دوائية سامة جداً لعلاج الحالة المرضية القاهرة والذي يعطى للمريض بكمية ضئيلة ومحدودة طبقاً للقوانين المدرجة والمحسوبة لعلاج الحالة المعروفة بالتحديد.
ثانياً: مستحضر صيدلاني غير دوائي: وتأثيره ملطف أو مسكن للحالة المحتاجة وتأتي كذلك بأشكال صيدلانية عديدة، ويعرف المستحضر الصيدلاني غير الدوائي (اللادوائي) بأنه المستحضر الصيدلاني الذي لا يحتوي على أي مادة سامة وإنما يحتوي على مادة ذات تأثير ملطف أو مسكن للالتهاب ومسكن للألم.
إذا ما هو تعريف الدواء؟، إنه المادة الكيميائية السامة التي تعطى للمريض بكمية مقننة، والمحسوبة بعد إجراء التجارب الحيوية وباستعمال حيوانات التجارب في المختبر حيث يحدد لذلك الهدف الجرعة الصحيحة التي تقتل عدد 50 من حيوانات التجارب LD50 وهي الجرعة القاتلة لعدد محدد من حيوانات التجارب وتكتب في المراجع العلمية. lethal dose 50.
ويكمن تعريف الأشكال الصيدلانية بصفة عامة في أنه المنتج الصيدلاني الذي تم تحضيره بالشكل المناسب لإدخاله باطن الإنسان مثل الأقراص والكبسول والحبوب أو السوائل سواء كان للشرب أو بالحقن (أمبول، فيال) وكذلك ما يؤخذ عن طريق الدهن خارج الجسم أو بالتحاميل المعروفة.
ثالثاً: محاليل تعويضية لازمة لحيوية جسم الإنسان: وتؤخذ بالحقن الوريدي مثل محاليل الملح والجلوكوز أو اللاكتات وأمثالها عديدة.
رابعاً: مستحضرات صيدلانية تكميلية: ويعنى بذلك مكملات العلاج مثل الفيتامين وأملاح المعادن والمقويات الحيوية.
خامساً: مستحضرات صيدلانية إسعافية لمنتجات متنوعة طبقاً للحالة الإسعافية الطارئة.
سادساً: مستحضرات صيدلانية تجميلية: وهي لأغراض راحة وجمال المرأة مثل الكريمات والمراهم، الجيلي وأنواع الزيوت العطرية لعلاج الشعر بالإضافة إلى ما يسمى بالمكياج وخضاب مستحضرات الألوان المتنوعة للاستعمال الظاهري.
إن أسعار المستحضرات الصيدلانية الدوائية أكثر انضباطاً من المستحضرات غير الدوائية والسبب أن الأولى تنتهج منهجاً أطول في إجراءات الترخيص والتسعيرة قبل تطبيق إجراءات فسحه والتقيد بأسعار المنتج طبقاً لتسعيرته الرسمية، كما أن هناك عقوبات صارمة عند مخالفة هذه الضوابط والتعليمات.
هذا ما لزم إيضاحه وكلي أمل في أن يكون حرصنا موجها للأداء الأفضل بالعطاء المخلص لخدمة المريض المحتاج.. وأرجوه تعالى أن أكون قد وفقت إلى ما أصبو إليه لتعريف الزملاء متداولي المستحضرات الصيدلانية الدوائية منها وغير الدوائية بالتعرفة الصحيحة والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
- أستاذ الكيمياء التحليلية الطبية وعلم تأثير الدواء