عثمان بن حمد أباالخيل ">
مرض الإنسان إما مرض بدني أو مرض نفوس، أما المرض البدني فالحمد لله فمعظم الأمراض لها دواء. أما مرض النفوس التي تصيب نفوس البشر فعلاجها يكون بتوعية بخطورة تلك الأمراض من الآيات والأحاديث والحكم. إن هذا الثالوث الذي يعيش داخل نفوس شريحة من المجتمع دليل على ضعف الوازع الديني والنظر بما أنعم الله على الآخرين.
مرض النميمة مرض خطير ومنتشر وهدفة خلق الفتنة بين الناس وزرع الشك والفساد، النميمة هي نقل الكلام بين طرفين لغرض الإفساد، أليس هذا منتشرا وربما يكون في الخفاء وأحياناً في العلن، ألم تصادف تغيّر من له معزّة في قلبك وعقلك فجأة، وحين تصر على معرفة السبب تجد أن هناك إنسانا نماما نقل ما لم تقُله. عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة نمام). ألا يعلم النمام أن النميمة من الأسباب التي توجب عذاب القبر. إن سرعة انتشار النميمة وسيطرتها على الآخر سريعة أسرع من الساحر، قال يحيى بن أكثم: «النمام شر من الساحر، ويعمل النمام في ساعة ما لا يعمل الساحر في سنة».
مرض الحسد، مرض منتشر كثيراً في طبقات المجتمع كافة وربما لا يعلم الإنسان البسيط أن هذا حسد، والحسد هو تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصبح للحاسد مثلها. أمثلة كثيرة حدثت من حولك وتحدث كل يوم أليس هذا واقعاً مؤلماً بعيداً عن تعاليم ديننا السمح، ويجب ألا نخلط بين الحسد والغبطة، الغبطة أن تتمني أن يكون لديك مثل الإنسان الآخر وعدم زوال ما أنعم الله عليه. والحسد حرام (عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) رواه مسلم. وهناك أمثلة في القرآن الكريم كقصة ابني آدم فإن أحدهما قتل أخاه حسدًا لما تقبل قربانه، فأوقعه الحسد في قتل أخيه بغير حق، وكقصة إخوة يوسف في قولهم: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} (يوسف: 8) ثم عملوا على التفريق بينه وبين أبيه بما فعلوا.
مرض النفاق وهذا أكثر انتشاراً لسهولة النفاق و(النفاق مأخوذ من نفق الدالة على الخروج، ومنه النفق وهو المسلك الذي له منفذ يمكن الخلوص منه إلى مكان آخر, لذلك وصف الله تبارك وتعالى: المنافقين بالفاسقين أي الخارجين من الدين، قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (التوبة: 67). أليس النفاق أن تظهر المحبة والإخلاص والطاعة وتنفيذ ما يطلب منك؟ أليس النفاق أن تسمع ما هو غير صحيح؟ أليس هذا منتشرا عند بعض شرائح المجتمع بمختلف الطبقات؟ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان))؛ متفق عليه. القلة من الناس من تفي بوعدها وأجزم أن الغالبية من الناس لا تفي بوعودها بمناشط الحياة كافة.
أخيراً نحن بحاجة ماسة للتخلص من هذا الثالوث والعودة إلى الصواب، الصواب هو التمسك بتعاليم ديننا الإسلامي.
النمام والحسود والمنافق مصابون بأمراض عليهم التدبر وقراءة القرآن ففيه الشفاء قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} (الإسراء:82).