د. إبراهيم بن ناصر الحمود ">
هناك من يرى أن الودائع البنكية تكيف على أنها قروض، وعليه يثبت لها حكم القرض، وهذه من المسائل الاجتهادية التي قد يختلف فيها الاجتهاد بحسب نظر المجتهد، ومن المعلوم أن تكييف أي مسألة فقهية من المسائل المستجدة يعني تقريبها إلى ما يشابهها من المسائل الفقهية المشتهرة والتي ألف فيها الفقهاء الأقدمون في كتبهم في فقه المذاهب الأربعة.
وبالنظر إلى مسألة الودائع البنكية لم أجد لها شبهاً بالقرض إلا من حيث صورة المسألة وهي ( دفع مال لمن ينتفع به ورد بدله ) أما من حيث التوصيف والأحكام فالوديعة تخالف القرض من عدة أوجه أهمها :
1- أن القرض عقد إرفاق والبنوك ليست بحاجة إلى الإرفاق.
2- القرض ينشأ بطلب من المقترض والوديعة البنكية بخلاف ذلك، فالبنك لم يطلب من العميل مالاً، بل العميل هو الذي يبادر بالدفع.
3- القرض حكمته في تأجيل السداد وإلا لم يتحقق الإرفاق، بينما الوديعة البنكية يستطيع العميل سحبها بعد الإيداع مباشرة.
4- لا يستطيع البنك منع العميل من استرداد ماله، حيث له سحبه في أي وقت، بينما سداد القرض ليس للمقرض يد في تحصيله.
5- المقرض يؤجر على إعانة المقترض وسد حاجته، وهذا المعنى ليس موجوداً في الودائع البنكية.
6- تسميتها ودائع يخرجها عن مسمى القرض فالوديعة غير القرض في الفقه الإسلامي.
وعلى هذا يمكن القول بأن الوديعة المأذون بالتصرف فيها من قبل صاحبها مع ضمان المال هي الأشبه بالودائع البنكية. وليس لها حكم المضاربة ،لأن الإذن جاء من طرف واحد فهو متبرع، ويكون استثمار البنك للوديعة مأذوناً له فيه مقابل الحفظ طويل الأجل. فتبقى وديعة بنكية اختصت بضمان البنك للمال فرط أو لم يفرط، بخلاف الوديعة المعتادة فلا ضمان على المستودع إلا في حال التفريط، لأن يده يد أمانة.
وأنا أطرح هذا الرأي على أنه وجهة نظر خطرت لي دون تعصب، وأنتظر من أهل الاختصاص في المعاملات البنكية مناقشتها والوصول إلى الحقيقة وبيان وجه الشبه بين الودائع البنكية والقرض إن وجد، فمنهم نستفيد.
والله أعلم.
- المعهد العالي للقضاء