لقمان سيف الرحمن الدهلوي ">
الأراضي كما لا يخفى تعد مصدر ثروة لا ينضب وهي تتسم بالمحدودية فلا تزيد ولا تنقص، لكن يتم التأثير سلباً على محدوديتها بالممارسات الاحتكارية غير العادلة، فمن الحري حمايتها بموجب حزمة من التقنينات عن طريق هيئة حكومية خاصة بها، لقد عهدنا عددا من الهيئات الحكومية الخدمية، بعضها كان على المستوى المأمول لتطوير الخدمة المستهدفة والبعض الآخر لم يرق إلى نفس القدر من الأداء، أياً كان فإن الأراضي لم تحظَ حتى تاريخه بجهة موحدة تعمل على حمايتها وتطويرها وتخلص إلى أفضل الوسائل الإنتاجية للحصول على أعلى عائد ممكن، إن فكرة إنشاء وكالة حكومية تختص بالتنظيم والإشراف والرقابة، تبدو أنها مجرد تكرار لعمل اعتادت جهات رسمية أخرى بالقيام به، إلا أن جانب التخصص لمواجهة التحديات المعاصرة يستوجب إعادة هيكلة موحدة لشؤون العقار تعنى بدراسة ووضع آخر المستجدات التي تعتريها السوق والصناعة العقارية. تتمثل الإيجابية في دمج أربع مهام رئيسية ضمن منظمة واحدة؛ «الأراضي والمساحة» و»تصنيف المقاولين» بوزارة البلديات و»كتابة العدل الأولى» بوزارة العدل كجهة توثيق وضبط وسائر صنوف التصرفات اللاحقة بالملكيات العقارية إلى جانب جهة حفظ «التسجيل العيني للعقار»، وبعد أن تتحد هذه الأعمال في جهة واحدة يمكن وضع تنظيمات لمواجهة أساليب الاستغلال القائمة أو المحتملة في السوق العقارية على ضوء تجارب الدول المتقدمة والدراسات المحلية للسوق، بالإضافة إلى تمركز اتخاذ القرارات المصاحبة ضمن المنظمة تجنبا لتشتت الآراء وما يستتبعه من وأد القرارات أو تأخرها. كمثال الاحتكار والتلاعب من خلاله على أسعار الأراضي السكنية وقد مورس بشكل مفزع على بعض المناطق؛ تتكون رساميل ضخمة (سماسرة) ضمن وعاء واحد تستهدف إحدى المناطق الحضرية على سبيل المثال وتقوم بشراء مخططات متعددة وحديثة ومعروضة قطعها للبيع بسعر محدد ضمن فترات زمنية متقاربة لإحداث شح مفتعل، تعرض هذه الرساميل شراء كامل قطع المخطط بالسعر المعروض مما يغري البائع إلى الإفراغ الفوري لأنه يعيد إليه رأس ماله مع الفوائد المرتجاة وتحقيق هامش غير متوقع لسرعة عودة رأس المال ليتفرغ لتطوير مشروع جديد، فور الإفراغ يتم زيادة سعر القطعة بما لا يقل عن 30% من سعرها السابق، تكمن المجازفة في هذه الحالة من تأخر تصريف القطع ولكن الرساميل مهيأة للانتظار لسنوات لأن البديل لها تكدسها في البنوك بعائد 1 إلى 2 %،ع رفع السعر أكثر كلما طالت مدة التصريف ليستوعب التضخم مرات ومرات، ولأنها تستهدف أكثر من مخطط مما يؤدي إلى شح الأراضي في تلك المنطقة تزدهر معها الصناعة المصرفية بتقديم قروض مرهقة لذوي الدخول المحدودة بعد أن يئسوا من تحقيق مسكن آمن ولفترات زمنية طويلة تستغرق المتبقي من العمر الوظيفي للفرد؛ 25 سنة. أما في حال وجود هيئة للعقارات فإنها ستعمل على وضع حد لتملك مستثمر لنسبة محددة من أراضي المنطقة الحضرية الواحدة 3 % من إجمالي المساحة مما يقطع الطريق لخلق طبقة السماسرة (الرساميل المرحلة من التكدسات النقدية لدى البنوك إلى السوق العقارية وإحداث فقاعة مفتعلة باختطاف هامش ربحي ضخم 30 % من جهد المواطن) يكون من شأنه توزيع المعروض على أكثر من مستثمر يكون في الغالب نفس المطور (تكمن مصلحته باتجاه معاكس لرساميل في التصريف بأسرع وقت ممكن للدخول في مشروعات تطويرية جديدة مما يحد من المبالغة في سعر المعروض)، إلى جانب مهام تنظيم السوق العقارية والترخيص للشركات والمكاتب العقارية والعمل على تطوير المهن المرتبطة بها كالتقييم العقاري وأعمال التصنيف.
في جانب الممتلكات فستعمل على ترسيم «كود البناء» وفق المعايير العالمية وإلزام العمل به لا مجرد الاسترشاد على المكاتب الهندسية والإشراقية ومقاولي البناء، وبذلك تنتظم جودة وصنف المواد المستخدمة في البناء، ويمكن بذلك تصنيف المباني السكنية لثلاث فئات (أ) بناء ممتاز، (ب) بناء ذا جودة، و(ج) متوسط الجودة، وبذلك يعي المشتري شراء ما يناسب وضعه المادي مع علمه المسبق درجة المسكن والعمر الافتراضي له.