نوال صعفق العتيبي ">
غالبا ما يكثر الجدال والسجال حول مدى مناسبة استخدام لفظ إعاقة ومحاولة إبدال أو إحلال لفظ ذوي الاحتياجات الخاصة مكانها. وأنها لم تعد صالحة للاستخدام وخصوصا أن الكثير من ذوي الإعاقات الجسدية قد أبدعوا ونجحوا مما يؤكد أنها ليست إعاقة الجسد التي تمنع من النجاح بل الإعاقة الموجودة داخل الفكر والثقافة لدى البعض.
لكنني هنا لست في محل لنقاش أي من اللفظين أنسب، لأن ما سأتحدث عنه في هذا المقال لا يناسبه إلا هذا اللفظ «أعاقه» لكن من نوع آخر!!
فغالبا ما يلقى اللوم تجاه إعاقة بعض جوانب التنمية وتعثر بعض المشاريع وتأخر صدور وتطبيق الأنظمة والقرارات إلى ميزانيات المشاريع أو قصور من بعض المسئولين عنها وعدم إحساسهم بمعاناة المواطن. متناسين بذلك الدور الفعال والمساند للمواطن ومسؤوليته تجاه نجاح ودفع عجلة التنمية الذي يستند على أركان أساسيه من أهمها ثقافة وفكر المجتمع ومدى «مرونة تقبله» للجديد. ففي الوقت الذي تقف فيه هذه ثقافة وفكر المجتمع في وجه تحقيق المشاريع وتكون حجرة عثرة أمامها هنا تعاق التنمية والتقدم. وحين يصطدم فكر وثقافة بعض أفراد المجتمع مع الأنظمة الجديدة التي وضعها أصحاب القرار والمسئولون لمصلحة هذا الوطن، بالاستهجان وتعبئة الرأي العام ضدها، وحين يستغرق تطبيق قرار والتمهيد له مدة زمنية طويلة لإقناع المجتمع به هنا تعاق وتتعثر التنمية.
فعلى سبيل المثال حينما اُستحدث نظام ساهر في وقت كنا أحوج المجتمعات إليه ليوقف نزف الأرواح في الشوارع وفوضى القيادة، حورب ولا يزال يمارس عليه أنواع الضغوطات لإيقافه وتعرضت كاميراته للتكسير والموظفين القائمين عليه بالاعتداء والعنف أثناء تأدية عملهم مع انه وضع لصالحهم تماما.
وفي فترة ليست بالبعيدة عندما أعلن قرار تأنيث المحال النسائية والذي يصب قلبا وقالبا في المصلحة العامة. والذي كان ينتظره المجتمع النسائي منذ زمن قوبل الوزير آنذاك بالهجوم والمعاداة وإثارة الرأي العام عليه حتى وصلت للبعض بالتعرض لشخصه وطال هذا من أتى بعدة مما أخر تنفيذ هذا القرار سنوات.
وقيادة المرأة للسيارة الذي مازال ينتظر الموافقة المجتمعية والقبول الاجتماعي ليدخل حيز التنفيذ.
وقس على ذلك غيرها من القرارات والأنظمة التي لم يؤخرها ويؤجلها إلا المعيقات الفكرية الثقافية لدى البعض من أفراد المجتمع الذين اجتهدوا وأبوا إلا أن يفرضوا فكرهم وثقافتهم الشخصية وما تحويه من عادات وآراء واجتهادات لم تعد تتناسب مع هذا العصر على مجتمع بأكمله بجميع أطيافه وألوانه وشرائحه متحدين بذلك أصحاب القرارات ممن اجتهدوا في دراسة مدى ملاءمته شرعيا واجتماعيا.
إن أكبر داعم لعجلة التنمية أخي المواطن ليس الميزانية وحجمها وليس مدى إخلاص المسئولين فقط بل هناك ضلع ثالث هام وأساسي لمثلث التنمية والتقدم ألا وهو مدى مرونتك وتعاونك في تنفيذ القرارات وسلاسة تقبلك للجديد. فهي لم توضع إلا لأجلك وأجل أبنائك والأجيال القادمة من بعدنا ولمصلحة هذا الوطن المعطاء أدام الله عزه وأمنه.