عبدالله بن عبدالعزيز الفالح ">
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى...} وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ..}، {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ} (131 سورة النساء) في دعوة الأنبياء، وشعار الأولياء، فكل نبي يقول لقومه: {أَلَا تَتَّقُونَ} (106) سورة الشعراء. وأولياء الله هم الذين آمنوا وكانوا يتقون {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (28) سورة الحديد. {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا} (63) سورة مريم. {وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (1) سورة النساء، وقال عز من قائل: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} مما ينبئ عنه أن من حج فقضاه بحدوده على ما أمره الله، فهو خارج من ذنوبه، كما قال جل ثناؤه: {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} أي اتقى الله في حجه كما جاء في التفسير, فكان في ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوضع عن أن معنى قوله عزَّ وجلَّ: (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) أنه خارج من ذنوبه، محطوطة عنه آثامه، مغفور له بإذنه سبحانه وتعالى. ما من خير عاجل ولا آجل، ولا ظاهر ولا باطن إلا والتقوى موصلة إليه ووسيلة له ودليل عليه. وما من شر عاجل ولا آجل، ولا ظاهر ولا باطن، إلا والتقوى حرز منه حصين، ودرع منه مكين. هي وصية الله للأولين والآخرين، أما التقوى: لغة فهي مأخوذة من الوقاية وما يحمي به الإنسان رأسه. اصطلاحا: أن تجعل بينك وبين ما حرّم الله حاجبا وحاجزا. عرّف علي بن أبي طالب التقوى فقال: هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل. وسأل عمر كعباً فقال له: ما التقوى؟ فقال كعب: يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقاً فيه شوك؟ قال: نعم. قال: فماذا فعلت؟ فقال عمر: أشمر عن ساقي، وأنظر إلى مواضع قدمي وأقدم قدما وأؤخر أخرى مخافة أن تصيبني شوك. فقال كعب: تلك هي التقوى...., و في رمضان الشهر الفاضل يجب على المسلم المتقي الله سبحانه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر, وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة بعضهم أعلاها وبعضهم اسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا! فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعاً) رواه البخاري. يبين لنا هذا الحديث العظيم بأن على كل مسلم أن يراعي حدود الله ولا ينتهك شيئاً منها، بل وعليه أن يُنكر على من يتعدى هذه الحدود التي حدها لنا الشرع المطهر، فنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، والتي هي من صفات المؤمن الصالح التقي النقي، لذلك شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم القائم في حدود الله تعالى وهو المنكر لها بالقائم على دفعها وإزالتها، والمراد بالحدود هنا ما نهى الله عنه، وفق الله الجميع لما يُحبه ويرضاه.