سعود بن عبدالله الرومي ">
يقول الله تعالى في محكم التنزيل {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
ويقول الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم حين فتح مكة المكرمة (ومن دخله كان آمناً) أي المسجد.
إن الأحداث والتفجيرات التي أصابت مسجد القديح بالقطيف وكذلك حي العنود بالدمام في أماكن العبادة لهي مؤذن بفشل هؤلاء الشراذم الذين يريدون تقويض الأعمال الخيرة التي تقام في المساجد من ذكر الله سبحانه وتعالى وإقامة شعائر الصلوات والخلوات والاعتكاف، فللمساجد في عصور الإسلام مكان لا يضاهيه مكان من قراءة كتاب الله وحفظه ودروس العلم والفقه ومنها وفيها خرجت الأمة فقهاءها وعلماءها، وقامت حضارة إسلامية ناصعة بلغت مشارق الأرض ومغاربها.
إن الأحداث المتلاحقة التي صارت في المنطقة الشرقية في الأحساء - القطيف - الدمام لتجعلنا نعود للوراء لننظر كيف دخل الملك عبدالعزيز إلى تلك المدن فنجدها دخلت ضمن منظومة حكمه- رحمه الله- طواعية بعد أن تم التخلص من الحكم التركي إذ وجدت في تعامل الملك عبدالعزيز الحميمية والأخوة مما جعل المنطقة الشرقية تعيش ولا زالت- ولله الحمد- بأمن وأمان شأنها شأن بقية مدن المملكة العربية السعودية.
إن القبائل والأهالي الذين يقطنون تلك المدن هم امتداد لأهلهم هنا وهناك سواء في الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب فكيف يحدث ذلك؟ وكيف يغدر المرء بأهله؟
وليس لأحد أقلية أو أكثرية بل هم تكاملية كل يكمل الآخر في بناء هذا الوطن والاجتماع مطلوب فكلنا يد واحدة في وحدة الصف والاستقامة.
وإنك لتعجب غاية العجب ممن يحمل هذا الفكر ويتبناه فأي منطق عند هؤلاء في تفجير مسجد وإيذاء المصلين؟ ألم يطلعوا ويقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، أذاه قومه وتوجه للطائف وقوبل هو بأبي وأمي بالحجارة وأدميت قدماه فلم يزده ذلك إلا دعاء لهم بأن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً، ثم يأتي بعد ذلك لمكة المكرمة يوم الفتح ويتجاوز عمن ظلمه وآذاه بقوله لا تثريب عليكم.
وفي المدينة المنورة عبدالله بن سلول يتزعم إيذاءه ونعته بالصفات القبيحة وطعنه في عرضه، ومع ذلك يلزم الاستغفار لهم حتى إنه قال صلى الله عليه وسلم: لو علمت أن الله سيغفر لهم إن زدت عن السبعين لفعلت.
ويختتم ذلك صلى الله عليه وسلم حينما توفي ابن سلول زعيم المنافقين والمحرض على إشاعة حادثة الإفك بأن لبى صلى الله عليه وسلم طلبه بأن يكفن في ثيابه عليه الصلاة والسلام، فأي حجة لهؤلاء أن يؤذوا المصلين أو يخيفوهم ولم يكن لهم أي ذنب تجاههم.
إن من يدعي حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدافع عن عرضه يقتدي بنهجه وتسامحه ودعوته بالإحسان والمحبة.
وفي هذه البلاد المباركة يأتي إليها كثير من الوافدين وفي جوازات بعضهم الديانة مسلم والتعامل معهم يأتي وفق هذه البيانات دون فحص أو تأكد من طائفته أو فرقته، فلماذا لا يتم التعامل بهذه الكيفية.
إن الدولة وفقها الله حينما قام الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بجمع شتاتها وتوحيدها وتعرضت لكثير من المواقف التي زادتها ولله الحمد قوة ومنعة، فمن حادثة الإخوان وما دار حولها إلى حادثة الحرم الشريف ومحاولة إيذاء الملك عبدالعزيز رحمه الله من بعض الحاقدين وكذلك ما حدث في الحرم الشريف 1400هـ، وحادثة 1407هـ حول الحرم ونفق المعيصم والأحداث المتلاحقة في الخبر والرياض والقطيف وغيرها من المدن وقتل رجال الأمن وحرق سياراتهم كلها تأتي والدولة تعالج ذلك بحكمة وتؤدة وصبر وأناة ولو كان السب والشتم لذات الدولة أو رموزها فالحلم يسبق أي عمل والمعالجة الحكيمة تأخذ دورها.
أما إذا تجاوز الأمر ذلك ووصل إلى الإخلال بالأمن والاعتداء السافر فالدولة قادرة على رد ذلك والتصدي له ولله الحمد بكل اقتدار لما في ذلك من مصالح البلاد والعباد حفظ الله بلادنا وأمننا وولي أمرها الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن نايف وقادتنا وعلماءنا ومشايخنا ورجال أمننا والمرابطين على حدودنا وعجل بدحر عدونا.